
نسيانٌ جماعيّ: طلب إذن للنسيان
تستكشف مقالة المحررة المحورين الأساسيين لهذا العدد: الذاكرة والنسيان. في ظل استحالة اكتمال المحو وعجز عن تحقيق الغفران، يبقى السؤال: ما الذي يمكن أن يقدمه النسيان الجماعي؟
من ثقافة الذاكرة، ودعاية التخليد، والحرب، والصدمات، والحزن، والحداد، نتساءل عن النسيان:
ما هو النسيان؟ ما الذي تنساه الذاكرة؟ وكيف تنسى الذاكرة؟ ماذا ننسى كي نتذكّر، وماذا ننسى أن ننسى؟ ما الذي يمكن للفن أن يتخيله بشأن الجوانب التدميرية للنسيان كفعل محو، وما هي القوة الإيجابية المحتملة للنسيان في التوجه نحو واقع مختلف؟
إلى أين قد يقودنا فكرة "إعادة التذكر" و"إعادة التفكير في النسيان"؟
re-get | for-mind
يرتكز العدد الخاصّ على محور مزدوج: الذاكرة والنسيان. حيث لا يكون المحو كاملاً أبداً، ويبدو الصّفح مستحيلا، ماذا يمكن للنسيان الجماعي أن يقدّم؟
تستكشف مقالة المحررة المحورين الأساسيين لهذا العدد: الذاكرة والنسيان. في ظل استحالة اكتمال المحو وعجز عن تحقيق الغفران، يبقى السؤال: ما الذي يمكن أن يقدمه النسيان الجماعي؟
أكوام الأنقاض الكبيرة التي تبقى بعد أعمال التدمير والتهجير القسري تظهر كتجسدات مؤقتة وعظيمة لـ"النحت الاستعماري المعاصر". تبرز هذه الأكوام بشكل صارخ مقابل البناء الخفيف والمتعدد الاستخدامات الذي يستخدمه البدو، والذي يسعى هذا النحت إلى استبداله، وتعد تجسيدًا ماديًا للفعل العنيف من المحو والإغلاق. جماعة "كومون فيوز" تتعلم من تكيف وصمود بدو النقب تجاه المستقبلات البديلة والمتساوية الممكنة.
تخيّل/ي، عزيزي/عزيزتي القارئ/ة، أنك تستيقظ/ين كل صباح دون أي ذاكرة عن الأشخاص من حولك. تتشابك التأملات الأدبية لأمير نصّار بين ذاكرة "فونيس" الكاملة من قصة بورخيس وبين النسيان المطلق الناتج عن الغوص في نهر "ليثي" في العالم السفلي. فهل تُعدّ حياة لا يُنسى فيها أي شيء حياة جديرة بأن تُعاش؟
النقش "Zerstört" (بالألمانيّة، والتي تعني مدمّر) محفور في أرضية الخرسانة. تحاول شيرا فاكسمان أن تزيله، دون جدوى. لا تزال الكلمتان "ort" (مكان) و"stört" (يُزعج) ظاهرتين. يبقى المدمّر حاضرًا.
هل سمع أحد عن نسيان جماعي؟ في حين نجد مفردة الذاكرة الجماعية تفرد عضلاتها على كل طاولة وخلف كل غلاف وقضية، وتُمسك لنا العصا في وجه محاولات نسياننا الفردية.
يرى محمود درويش أن الذاكرة ليست مجرد أداة مقاومة لمحو الوجود، بل تحمل أيضًا جانبًا من الموت الرمزي للهوية والتاريخ، حيث تفرض حالة من الجمود والانغماس في ألم الماضي، مما يُبقي الإنسان عالقًا في دائرة من الحزن والتفكير في خسائر الزمن. ومع ذلك، يقدم رائد أبو سعادة قراءة مختلفة لكتاب "ذاكرة للنسيان"، إذ يراه وسيلة أدبية للتشبث بالحياة وبناء الأمل. ومن هذا المنطلق، يتساءل أبو سعادة، كغزيّ، عن دور الذاكرة في النضال الفلسطيني المستمر وفي تشكيل الهوية الجماعية الإسرائيلية، متتبعًا علاقتها بالهولوكوست، وبيروت المحاصرة عام 1982، وغزة اليوم.
ثلاث جماجم: واحدة لا تتكلم، أخرى لا تسمع، وثالثة لا ترى. على جباههن نقشت تواريخ: 1948، 2024، 1967. يعتمرن شعورًا مستعارة مصنوعة من خرائط بريطانية لفلسطين الانتدابية، والتي تم تحديثها بالعبرية بعد قيام دولة إسرائيل. وبينهن، يتصاعد لهيب نار نحو السماء.
تدّعي فيكتوريا حيفتس أنه في الحديث عن كيتا كولفيتس, يُنسى خوف الفنانة من الموت، من الفقدان، ومن العدم. فهل النسيان هو محو؟ مثل الطفل الذي يتشبث بالأم التي تقاوم الموت في أعمال كولفيتس، في رسومها تتشبث حيفتس بنفسها. ومع ذلك، تقول: من أجل إعادة بناء الحاضر والمستقبل، ومن أجل التغيير، لا بد من التحرر.
بالنسبة للفلسطينيين المقيمين في فلسطين التاريخية ولمن يُطلق عليهم "اللاجئون الفلسطينيون"، لم تنتهِ نكبة 48 (الكارثة). تصوغُ هذه الذاكرة الهوية الفلسطينية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هو غياب السرد الذي استمر لعقود؟
تتناول نور سعيد بالتحليل العوامل التي تعيق المجتمع الفلسطيني ككلّ عن الاستثمار في الفنون، مع التأكيد على أهمية السرد وتوثيق التجربة الوطنية مقابل النسيان.
في صيف عام 2024، استعرض الناقد مات هانسون ثلاثة برامج فنية معاصرة في تركيا تناولت موضوعات فقدان الأراضي والمدن والمنازل عبر التاريخ، من قلب الأناضول إلى سهول بلاد ما بين النهرين. يسلط هانسون الضوء على التوتر بين السياحة الفنية العالمية التي تتجاهل الخصوصيات المحلية، وبين الجهود المبذولة لاستعادة الحق والحرية في النسيان من خلال الحفاظ على سيادة الذاكرة لحماية جذور التاريخ والهوية.