صور ذاكرة 2#

هديل أبو جوهر تتابع انتقال سلمى من الطفولة إلى الفقدان.. ومن سرير الى آخر 

 

 سرير لا يشبهني

 

سلمى ترقص

سلمى تحب

سلمى الصغيرة لا تعرف الفقدان

تعرف أن لديها صديقات جميلات

ودراجة بشعة

ولكنها تحبها

سلمى تكبر

ترى الفقدان بأم أعينها

حتى يكاد الرقص يتلاشى من حياتها

وتتبدل الأغنيات

تهاجر الطيور التي أحبتها

تنتظر أعوامًا وفِي غفلة تدرك أن الطيور التي أحبتها لن ترجع

سلمى تمر بي دون سلام

بعدما جلست امام عينيها عامان!

وها انا اشعر ان سلمى تحولت إلى طير

لترحل...

هي أيضًا تغيرت قبل تحولها لطير

فجأة رأيتها قريبة من القطط

تحب أن تراقبهن وتنادي عليهن لإطعامهن!

هي التي قالت مرارًا "أكره القطط"

تفوهت بتعاريف غير متداولة

وصرخت بأن الوحدة سم

 

عن سلمى وتنقلها الحاد من سرير لأخر:

"كان سريراً غريباً فيه من الطمأنينة والطفولة شيئا،

لكنه لا يشبهني

لا يشبه ملامح أمي

لا أشعر بتلك الرغبة الجامحة في الاستلقاء عليه مرة أخرى.

كان سريراً جميلاً كملابس سلمى الصغيرة وألوانها الجديدة،

داخل غرفة جميلة في أعالي الكرمل في خريف السنة السابقة.

لكنني من شدة شوقي لها فتحت نافذةً من الذكريات، ولا ريب أنني قمت بتحمل الغبار العالق بين النافذة وبين ما تراكم داخلي من استحضار الغائبين."

 

سلمى ورسالتها الأخيرة لأبيها الميت:

"انا اتقلب كثيراً يا أبت

أفكر بجدلية الموت والحياة

بجديلة شعري الطويلة

التي لا أفهم حتى اليوم لمى قصصتها...

أن تطيري للسماء لا يعني أنك لن تسقطي،

كيف ينتزع منا الفقدان أي شيء أردناه بقوه ذات يوم!؟

ماذا عن الهدوء القريب للصمت

كيف تحتل الاوهام أجسادنا قبل عقولنا.

وماذا عن الأرق؟"

 

"للحطاب قلب يمامة"

لطالما شغلت تفكيري هذه الجملة،

كيف يكون الواقع واقعاً إلى هذا الحد؟

أسأل نفسي ولا أقوى على ارسال رسالة أخرى لسلمى.

كانت الدمى يومًا مخرجًا للهموم

للذكريات اللطيفة

كخساراتنا بلعبة "المحانييم"!

أما اليوم، فالخسارات كبيرة،

تكبر معنا..

مثل اعمارنا، مثلها تمامًا.