لمن هذه الأرض?

ضمن المشروع المتواصل "الطريق الى عين حارود"، تخرج افرات غال-نور في أعقاب رحلة رافي، بطل كتاب عاموس كينان. من خلال سلسلة معارض ونشاطات تطرح أسئلة سياسية حول حدود وحرية الحركة، وتوجه نظرة تأملية الى شكل بناء الحيّز بواسطة بقع – وهو فعل لا يسأل فقط الى ماذا ننظر، بل كيف ننظر.

Advertisement

"الطريق إلى عين حارود" هو مشروع متواصل متعدد الوسائط للفنانة إفرات غال-نور، وقد بدأ في أيلول 2017 وانتهى في كانون الأول 2019. يشمل المشروع عددًا من المعارض والنشاطات في مواقع مختلفة من أنحاء البلاد – ما يشبه الرحلة في أعقاب المحطات التي مرّ فيها بطل كتاب عاموس كينان، "الطريق إلى عين حارود" (عام عوفيد، 1984). تعدّد المواقع والوسائط والنشاطات من شأنه، افتراضًا، أن يجعل من الصعب فهم الأعمال كلغة متجانسة. ومع ذلك، فإن فهم تعدد أعمال غال-نور على مر السنين كعملية متجانسة تبدأ بمعظمها من الرسم المباشر واستخدام البقع، سوف يصورها كخيار سياسي لإنشاء حيّز متعدد الاحتمالات - حيّز من الحرية – خصوصًا في إزاء سردية الكتاب.

Uned.jpg

غلاف كتاب عاموس كينان، الطريق الى عين حارود، عام عوفيد، 1984
غلاف كتاب عاموس كينان، الطريق الى عين حارود، عام عوفيد، 1984

 

رافي، بطل كتاب كينان، هو متمرد يحاول سرًا الوصول إلى "عين حارود الحرة"، بعد أن سيطرت طغمة عسكرية صهيونية على البلاد وأخفت سكانها الفلسطينيين (تم ترحيلهم إلى مكة، وفقًا لإحدى شخصيات الكتاب). يخرج رافي في رحلة، محاولا تجنب اللقاءات مع بشر. ومع ذلك، خلال القصة، يختطف أحد السكان المحليين، محمود، لكي يقوده في الدروب الخفيّة، وليصبح شريكه الرئيسي في الرحلة. ولاحقا ينضم إليهما عدد من الشخصيات الأخرى.

تُقام معارض غال نور في مناطق جغرافية تشير بشكل عام الى محطات رحلة رافي: تل أبيب، هرتسليا، منطقة المثلث، المركز، وادي عارة، عين حارود، مجدو. لهذا السبب، بدأت رحلتها من دار في تل أبيب - شقة جامع الفنون ومتخصص الغاليريهات عوديد شتيل، التي تنشط منذ عام 2016 كغاليري "ليبرمان 8". من هناك انتقلت غال-نور إلى مقر الفنانين هرتسليا (أيار 2018)، إلى مركز العلوم والفنون هبايس الطيبة (اذار 2019)، إلى غاليري الفنون في كيبوتس جفعات حاييم (تشرين الأول 2018)، إلى غاليري الفنون في أم الفحم (نيسان 2019)، وإلى مقر الفنون في عين حارود (نيسان 2019). ومن المتوقع أن يختتم المشروع بمعرض سابع في الغاليري البلدي في العفولة، في كانون الأول 2019.

خلال هذا الوقت، قامت غال-نور بممارسات هادئة ومتعددة: مشي، محادثات، توثيق فوتوغرافي وبالفيديو، رسومات وتخطيطات (سكتش). وهذه الممارسات دفعتها إلى إنتاج أعمال بمختلف الوسائط: الرسم، التخطيط، إنشائيات مواد جاهزة، جداريات، أعمال فيديو، صور فوتوغرافية، وموقع شبكي مصاحب للمعرض. الخروج لدى غال نور الى العمل الفني الذي ينطوي على انطباعات شخصية وتأملات، عادة في مواجهة منظر طبيعي أو موقع حضري، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأسلوبها في العمل.

أنتجت غال-نور العديد من الأعمال البصرية على مر السنين، خاصة في مجال الرسم، ولكن القاسم المشترك لمعظمها هو أسلوب الرسم القائم على تأمل من نقطة إطلالة محددة، مرتبطة بظروف، لتقوم بوضع بقع جنبًا إلى جنب انطلاقا من انطباع مباشر مما تراه العين في لحظة ووقت معينين. هذا الأسلوب المعروف باسم "البقع اللونية" (Color Spots)، طوّره في أوائل القرن العشرين تشارلز هوثورن (Hawthorne) وطوره أكثر إدوين ديكنسون.1 لقد تعرفت غال-نور على هذا الأسلوب أثناء دراستها في ورشة الرسم والتخطيط لدى يسرائيل هيرشبرج في القدس.

أشبه بلوحة واقعية مباشرة من القرن التاسع عشر، مثل أعمال غوستاف كوربيه أو مانيه، يرفع أسلوب البقع اللونية لواء مسح أية معرفة مسبقة عن الموضوع والتركيز على هنا والآن. ولكن خلافًا للرسم الواقعي من القرن التاسع عشر، فإن أسلوب البقع اللونية لا يهدف إلى وصف تفاصيل الأشياء، وينحصر اهتمامه بـ "تحرير" العين وتدريبها على رؤية الأشياء التي تبدو كالبقع والأطياف والأطياف الفرعية بدلاً من التفاصيل الصوريّة. في أسلوب البقع اللونية، يترك الرسام أية معرفة مسبقة بالرؤية وأي بناء للوحة التي تم إنشاؤها من خلال رسم مسبق أو فرضية إجرائية للألوان. هنا يتم إهمال جميع الأساليب الأكاديمية، حتى تلك التي هي "انطباعات" بجوهرها بشكل، مثل الانطباعية والتنقيطيّة.

 

 

Charles_W._Hawthorne_-_Highland_Light.jpg

تشارلز هوثورن, Highland Light, حوالي 1925, زيت على خشب, 60.9X50.3 سم
تشارلز هوثورن, Highland Light, حوالي 1925, زيت على خشب, 60.9X50.3 سم

 

لسنا أمام أسلوب كهذا أو كذاك للرسم، بل أداة بصرية للرسم من موقع الانطباع المباشر. من خلال وضع البقع جنبًا إلى جنب كجوهر رئيسي تنشأ احتمالات لم يكن من الممكن أن نحظى بملاحظتها من قبل، مثل التركيز على مسألة ما هو الأغمق، أو ما هو الظل الأكثر دفئًا. ربما يكون هذا مشابهًا لعلم نفس الجشتالت (Gestalt)، الذي نما في ألمانيا مطلع القرن العشرين. كانت حجته أن المرء يميل إلى تصور الواقع على أنه بنىً كاملة وليس حشدا من التفاصيل المبعثرة، في ما يمكن أن يُطلق عليه "الميل إلى الإكمال".2 وفقًا للبقع اللونية العناصر المختلفة، "الثانوية"، في موضوع الرؤية، مثل الأطياف الفرعية، والتي لا يُنظر اليها كذات معنى في إطار التمعّن العادي للشخص، أو في النظرة الخاطفة، تبتَلع في القالب الذي ينتجه العقل، من خلال إنشاء صورة أكثر اكتمالا ذات حدود.

أسلوب البقع اللونية يمكننا من أن نسأل عما تراه العين فعلا. وهو يعوّد العين على التأمّل بدون سردية ولا قوالب، في محاولة لرؤية الأجزاء الثانوية التي تشكل الصورة التي التقطتها العين. والنتيجة، في بعض الأحيان، لوحة تبدو مجردة تمامًا ذات حدود غير واضحة بين الألوان المختلفة. إن تجربة التأمل هذه هي تعبير عن الذاتية المتعلقة بالظروف، والتي لا يمكن أن يقدّمها تحت وطأة اللحظة إلا الرسام أو الرسامة. وهكذا، على الرغم من أن ديكنسون(Dickinson) يركز كثيرا على التأمّل والرؤية، فقد يجد المشاهد صعوبة في تحديد صورة ذات أشكال محددة عند النظر إلى لوحة من هذا النوع، والتساؤل عما يراه فعلاً، وعن موضوع تأمّل الرسام.3

 

تستخدم غال-نور في عملها هذا التوجه، ولكنها توسعه أيضًا كإجراء ذي معان نفسية أو سياسية، وبالتالي فهي تنقضه أيضًا (بسبب التوسع الفكري الذي يتجاوز وراء مفهوم هنا والآن). في كلتا الحالتين، بدون بقع اللون وبدون هذا الانطباع، لال يمكن الوصول الى التوسع المفاهيمي الذي تقوم به. مثلا، في السنوات 2007-2005، رسمت مواقع حضرية في إسرائيل ببقع بأطياف ورديّة اللون فقط: رياض أطفال، مفترقات طرق ومواقع بناء فارغة. في بعض الأحيان، تقوم البقع الوردية ببناء الصورة، وأحيانًا تبدو مجردة وتستحوذ على مسطح القماش، وفي أحيان اخرى تشبه البقع المرشوشة. بالتالي، تظهر البقع لدى غال-نور بكلا الطابعين، متناقضة ومكملة: ذلك الذي يبني الحيّز في ثلاثة أبعاد (في الأطياف والأطياف الفرعية) وذلك الذي يفككه من خلال تسطيحه وإعادته ثنائيّ الأبعاد مرة أخرى (بقعة متجانسة).

 

37_b.jpg

افرات غال-نور، مفترق مشمار هشارون، زيت على خيش، 2007, 120X180 سم. بلطف: افرات غال-نور
افرات غال-نور، مفترق مشمار هشارون، زيت على خيش، 2007, 120X180 سم.
بلطف: افرات غال-نور


إن الطريقة التي "يُبنى" بها الحيّز في الرسم وكأنه انعكاس لواقع غير ساذج يختبئ تحت السطح هي مسألة لطالما انشغلت غال-نور بها. في حديثها إلى ميطال راز، قالت: "لسنوات عديدة أتعاطى مع المنظر الطبيعي وأطرح أسئلة عن معنى أن تكون رسامًا للمناظر الطبيعية في إسرائيل - ما الذي تنظر إليه، ولمن هذه الأرض، وما هو المنظر الطبيعي أصلا؟" المنظر الطبيعي له معنى سياسي في الحيّز المحلي، كما أن منظر البلاد هو أحد المداميك المركزية التي تتألف منها الأمثولة الصهيونية الطليعيّة، والتي تسعى إلى زراعة الأرض وإخصابها.4 إن السيطرة على المنظر الطبيعي هي بالطبع مركز الصراع العنيف في البلاد. في كتاب كينان، هذه السيطرة أصبحت مطلقة، ولم يعد هناك احتمال لوجود انطباع حر ومباشر ونقدي وذاتي. من خلال اقتفائها أثر رافي في الطريق إلى عين حارود الحرة، وكذلك بفعل الطابع التأملي لتقاليد البقع اللونية والرسم الواقعي المباشر، توجه غال-نور نظرة تاملية أيضًا إلى نفسها والى الطريقة التي يتم بها بناء الحيّز بواسطة البقع - وهو إجراء لا يسأل فقط عما ننظر إليه، بل عن كيفية النظر أيضًا.

إن التوسيع الفكري لبقعة اللون، بوصفها تبني وتفكك في الوقت نفسه، وتخلق صلة بين بقعة ملموسة وبين طريقة نظر، تتحول لدى غال-نور إلى خاصيّة مهمة في الرسم. هذا ما يحدث في العديد من المرات خلال سلسلة المعارض "الطريق إلى عين حارود". على سبيل المثال، تضمن المعرض الذي أقيم في جفعات حاييم إنشاءً مؤلفا من 12 صينيّة طعام معلقة على حائط، حيث رسمت عليها أماكن في الكيبوتس. الرسم على مسطح صواني الطعام يخلق انطباعًا مفاده الاندفاع والسرعة، كما لو انه لم تكن هناك أوراق أو أقمشة في تلك اللحظة، وكانت هناك رغبة في إنشاء تجربة فورية للرسم المباشر. إلى جانب ذلك، تساهم طريقة الرسم ببقع اللون في التجربة الفورية والأمر واضح في ترك حركات وبقع الفرشاة التي تشير إلى انطباع سريع من منظر الكيبوتس الطبيعي. تذكّر الأعمال بتمرينات تأمّل بأسلوب البقع اللونية، والتي، كما ذكرنا، تهدف إلى تدريب العين على رؤية بقع وألوان. على حائط مجاور، عرضت لوحة ذات تخطيط مؤطّر (كونتور) أصفر اللون لبرجَي ماء على بقع حمراء كبيرة وثنائية الأبعاد وغير محددة، تشغل معظم القسم السفلي من مسطح القماش. على غرار المباني الموجودة على صواني الطعام، من الممكن هنا أيضًا ملاحظة أن هذا مبنى محدد بواسطة الكونتور، وهذا في حين أن البقعة الحمراء ثنائية الأبعاد تثير تداعيات ذاتية، ربما لأنها مشابهة لبقع رورشاخ. تحمل أبراج المياه أهمية سياسية في تاريخ الاستيلاء الصهيوني على الحيّز: "أصبح بعض الأبراج على مدار السنين حتى من المعالم البارزة في المنظر الطبيعي، على غرار النصب التذكارية (...). في معظم المناطق، كانت أبراج المياه بمثابة مواقع مراقبة وحراسة وكانت تشكل خلايا في نظام الاتصال بواسطة الإشارات (...) [لهذا السبب] في وقت مبكر من عشرينيات القرن الماضي، ظهر البرج كموتيف في اللوحات والأدب الإسرائيلي المكتوب في البلاد (...) كأحد الرموز المركزية للاستيطان الصهيوني".5 الى جانب هذا، فإن الكونتور الأصفر الذي رسمت فيه غال-نور برج الماء قد يخلق تشابها مع نوع آخر من الأبراج في التاريخ البصري الصهيوني: "السياج والبرج" - وهو اسم أطلق على مشاريع في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي، شاركت فيها الكيبوتسات على نحو خاص. كان الهدف منها الإنشاء الفوري لمستوطنات يهودية (غالبًا خلال يوم واحد، من خلال بناء برج وسياج بألواح خشبية) لفرض الوقائع على الأرض - الاستيلاء على الأرض لهدف توسيع حدود الدولة القادمة. صحيح أن بُنى "السياج والبرج" ليست دائرية مثل أبراج المياه في الرسومات، ولكنها مثلها مجوفة وتظهر الخلفية وراءها، وهي تبرز بفضل خطوط الكونتور الحادة التي تؤطرها. أسوة معها، تخلق صواني غرفة الطعام في الكيبوتس معنى سياسيا وشخصيا أيضًا، لأنها تشير الى تقديم الطعام على نحو متجانس لأعضاء الكيبوتس. فالمياه والغذاء، بطبيعة الحال، ضروريان للحياة.

 

 

גבעותיים מגשים גלריה גבעת חיים 2019 small.jpg

افرات غال-نور، صواني، اكريليك على صواني بلاستيكية، 2018 من: الطريق الى عين حارود#4 – غفعوتايم، غاليري كيبوتس غفعات حاييم، تشرين الأول 2018 تصوير: لينا غومون. بلطف افرات غال-نور
افرات غال-نور، صواني، اكريليك على صواني بلاستيكية

من: الطريق الى عين حارود#4 – غفعوتايم، غاليري كيبوتس غفعات حاييم، تشرين الأول 2018
تصوير: لينا غومون. بلطف افرات غال-نور


גבעותיים, מגדליים אקרליק על בד גלריה גבעת חיים 2019 small.jpg

افرات غال-نور, برجان, أكريليك على قماش, 2019, 240X180 سم من: الطريق الى عين حارود – غفعوتايم، غاليري كيبوتس غفعات حاييم، تشرين الأول 2018 تصوير: لينا غومون. بلطف افرات غال-نور
افرات غال-نور, برجان, أكريليك على قماش, 2019, 240X180 سم

من: الطريق الى عين حارود – غفعوتايم، غاليري كيبوتس غفعات حاييم، تشرين الأول 2018
تصوير: لينا غومون. بلطف افرات غال-نور

 

גבעותיים מראה הצבה 3, גלריה גבעת חיים 2019 small.jpg

افرات غال-نور، غفعوتايم، منظر إنشاء، 2018 من: الطريق الى عين حارود#4 – غفعوتايم، غاليري كيبوتس غفعات حاييم، تشرين الأول 2018 تصوير: لينا غومون. بلطف افرات غال-نور
افرات غال-نور، غفعوتايم، منظر إنشاء

من: الطريق الى عين حارود#4 – غفعوتايم، غاليري كيبوتس غفعات حاييم، تشرين الأول 2018
تصوير: لينا غومون. بلطف افرات غال-نور

 

 

إنتقال البقع اللونية، من أداة لبناء حيّز في لوحة الى الحيّز الاجتماعي والنفسي، يحدث فعليا عندما تتنقل البقع لدى غال-نور بين عدة وسائط. جاء الانتقال في مقر الفنانين في هرتسليا، ما بين الرسم والفيديو وحكايات الأساطير. قدمت غال-نور هناك عملَي فيديو: في أحدهما، كانت تجلس مع ابنتها بجوار مسجد سيدنا علي، داخل أنقاض الممر الذي أقيم على أنقاض قرية الحرم، وتروي لها أسطورة شبه صهيونية عن الظهور المفاجئ لشمعة الليل الساحلية على السهل الساحلي، قريب فترة الهجرة الأولى. (عرض العمل أيضًا في ليبرمان 8). في الفيديو الثاني، على مرج أعشاب رعوي، تتحدث عن "شقائق النعمان والبرقوق والخشخاش، التي أصبحت أزهارها الحمراء المورقة منذ فترة طويلة استعارة للجنود الذين سقطوا" (على حد تعبير قيّم المعرض ران كسمي-إيلان). في عملَي الفيديو "تستخدم غال-نور نمط رحلات المشي والقصص التعليمية التي استخدمت منذ أجيال كعناصر أساسية في التربية على حب البلاد". تذكر الزهور الصفراء والحمراء والاستعارة عن الجنود الذين سقطوا ببقع صفراء وحمراء تظهر في لوحات ضمن المعرض. اللوحات معلقة بشكل متقارب وتغطي جدارا كاملا. تظهر البقع المرسومة بأشكال مختلفة: فهي تصف تفاصيل، مرشوشة، أو تتيح لوحة ذات طابع واقعي. يكتب قيّم المعرض"إن اللغات الصورية المختلفة والمسطحات التي رسمت عليها ترتبط ماديًا مع بعضها البعض كلحاف وتوفر واجهة غير متجانسة ولا يمكن تفاديها للمنظر الطبيعي المحلي".6

 

1 מראה הצבה מתוך התערוכה רצועת הרסס - צילום לנה גומון SMALL.jpg

قطاع التفجير – منظر إنشاء 2018 من: الطريق الى عين حارود #2 – قطاع التفجير، مقر الفنانين هرتسليا، أيار 2018 تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور
قطاع التفجير – منظر إنشاء 2018

من: الطريق الى عين حارود #2 – قطاع التفجير، مقر الفنانين هرتسليا، أيار 2018
تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور

9 מראה הצבה מתוך התערוכה רצועת הרסס - צילום לנה גומון SMALL.jpg

شقائق نعمان، برقوق وخشخاش، أسطورة صهيونية ومتعددة العلاقات– منظر إنشاء 2018 من: الطريق الى عين حارود #2 – قطاع التفجير، مقر الفنانين هرتسليا، أيار 2018 تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور
شقائق نعمان، برقوق وخشخاش، أسطورة صهيونية ومتعددة العلاقات– منظر إنشاء 2018

من: الطريق الى عين حارود #2 – قطاع التفجير، مقر الفنانين هرتسليا، أيار 2018
تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور



في كتاب كينان، يتم سد الحيّزات فعليًا على جبهة موحدة: المعابر الحدودية والحصار والقوات العسكرية التي تجري عمليات تمشيط باستمرار. لهذا السبب يجب على رافي ومحمود أن يهربا. أما في مشروع غال نور، فتبدو الحيّزات مفتوحة، لكنها تثير أسئلة سياسية حول الحدود وحرية الحركة. في إحدى المحطات، سارت غال-نور بين البلدات - قرية مسير، كيبوتس ميتزر، متسبي إيلان، برطعة، أم الريحان وأم الفحم. بعد المكوث واللقاءات هناك، انتجت ثلاث لوحات، عُرضت في معرض أم الفحم للفنون. بدأت إحدى اللوحات من الانطباع في "متسبي شالوم"، وهو مَطلّ على أم الفحم. هذا الموقع خُصّص له هدفا ليكون موقعًا سياحيًا، لكن تم هدمه "بسبب عدم وجود تصاريح، حيث يُحظر على العرب البناء على بعد 50 مترًا (أو ما شابه) بجوار الطريق لأسباب أمنية".7

رسمت غال-نور لوحة ثانية في "مخبأ" بين برطعة ومتسبي إيلان. "برطعة – بلدة نصفها في فلسطين ونصفها الآخر في إسرائيل. متسبي إيلان - بلدة جديدة نسبيًا، نوع من المستوطنات ولكن داخل الخط الأخضر مخصصة لتعزيز الحضور اليهودي في المنطقة".8 لوحة ثالثة هي انطباع من "مفحمة" – موقع لانتاج الفحم في أم الفحم وهو "من بين المواقع الوحيدة التي ما زالت نشطة".9 اكتسبت المدينة اسمها نسبة الى صناعة الفحم المحدودة التي كانت فيها. الفحم هو أيضا أداة أوّلية للرسم بواسطة البقع وتنتج في الواقع "مناطق قذرة" (تعريف القاموس العبري للبقع) على مسطح الورق ثنائي الأبعاد.

في هذه اللوحات الثلاث، إلى حد كبير أشبه بالأعمال الوردية قبل عقد من الزمان، مواقع المناظر آيلة للسقوط ومبنية من بقع، بعضها حمراء وشبه مرشوشة. وهي عمليًا، تنتج تداعيات للدم ولوضع لا حدود له ولا حياة فيه. يبرز غياب البشر عن اللوحات ويذكرنا بقصة كينان، التي تحكي عن مكان طُرد منه سكانه، وآخرون يعيشون تحت حظر التجول أو يختبئون.



מראה הצבה ,2019 אפרת גל-נור,מפחמה small.jpg

مفحمة، أكريليك وزيت على قماش (قسمان) 2019, 210X300 سم من: الطريق الى عين حارود #5 – الزمن المكسور، غاليري الفنون أم الفحم، نيسان 2019 تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور
مفحمة، أكريليك وزيت على قماش (قسمان) 2019, 210X300 سم

من: الطريق الى عين حارود #5 – الزمن المكسور، غاليري الفنون أم الفحم، نيسان 2019
تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور

,2019 אפרת גל-נור,בין מצפה אילן לברטעה,, SMALL.jpg

بين متسبي ايلان وبرطعة، أكريليك وزيت على قماش (قسمان) ,2019 , 210X300 سم من: الطريق الى عين حارود #5 – الزمن المكسور، غاليري الفنون أم الفحم، نيسان 2019 تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور
بين متسبي ايلان وبرطعة، أكريليك وزيت على قماش (قسمان) ,2019 , 210X300 سم

من: الطريق الى عين حارود #5 – الزمن المكسور، غاليري الفنون أم الفحم، نيسان 2019
تصوير: لينا غومون بلطف افرات غال-نور



تنشئ غال-نور سياقا بين بقع الألوان التي تبني حيّز الرسم والدلالات غير اللفظية للبقع. إلى حد كبير، ليست الأعمال الفنية الملموسة هي الشيء الجوهري هنا، بل فعل النظر لدى الفنان، الذي يبني اللوحة كمجموعة من الأسئلة (البقع) الموضوعة واحدة بجانب الأخرى. هذه أسئلة حول المكان، وربما تستخدم لدى غال-نور في محاولة لإعادة تجربة مباشرة دون وساطة للمشاهدين أمام اللوحة، على أمل أن تولّد لدى المشاهد رد فعل يعيده إلى الظروف التي يعيش فيها حاليا، والى حدود الحرية وحدود القمع، الحركة، الوعي والنقد.

مثل هذا الاحتمال غير قائم في الحاضر القصصي لدى كينان، حيث يقرّر الجيش حدود التفكير والتعبير، ويقلّص الخاضعون للسيطرة من انطباعهم الذاتي، لأن هذه امكانية مستحيلة في الحيّز الذي يمنح وجودا فيه لليهود الصهيونيين وحدهم (وهؤلاء أيضًا مطالبون بالتكيف مع وعي الحكم العسكري، وربما يمكن إضافة - البيروقراطية والسياسة). إن الإقامة الهادئة التأمليّة والنقدية التي تنتج رؤى فريدة ونقدية وأصيلة، وتتساءل عن كيفية بناء المنظر الطبيعي - مثل تلك الموجودة في أعمال غال-نور - تهدد النظام الحاكم، لكونها تعبيرًا عن روح فردية حرة تمامًا، وفيّة فقط للانطباع الشخصي وليس لأي شيء اخر.

الوضع الراهن في إسرائيل لا يشبه حتى الآن الدستوبيا التي يصفها الكتاب، التي طُرد فيها جميع الفلسطينيين وبقي اليهود فقط. ومع ذلك، فإن الاعمال التي تعرض دستوبيا تتطرق في كثير من الأحيان الى وضع متطرّف للواقع الذي يعيش فيه القراء\المشاهدون. يبدو أن المصادرة المتواصلة لحقوق الفلسطينيين، المساس المتزايد بمكانة مواطني اسرائيل غير اليهود، ومؤخرا الطرد العنيف لأطفال العمال الأجانب، تقترب كثيرا من ذلك الوضع. هذه مجرد أمثلة تشير الى القاعدة العامة. أهمية مشروع غال-نور لا تكمن بالضرورة في المنتوج النهائي بل بإمكانية إنتاجه أصلا.

  • 1. Francis Cunningham, "Color-Spots, Form, and Space", Linea: Journal of the Art Students League, Vol. 4 No. 1, Winter 2000.
  • 2. Shraga Sarouk and Galia Rabinowitz, A Person in Full: the Challenge – Gestalt Psychology in Everyday Life, Yehoshua Orenstein, Yavne Publishing LTD., Tel Aviv, 1893' p. 9.
    שרגא סרוק וגליה רבינוביץ', אדם ומלואו: האתגר – הפסיכולוגיה התבניתית (גשטלט) בחיי יום-יום, יהושע אורנשטין הוצאת ספרים יבנה בע"מ, תל-אביב, 1983, עמ' 9.
  • 3. انظر، هناك، Cunningham، ملاحظة 1 أعلاه.
  • 4. Tali Goldshmid, "The Dystopia of Zionism: a Reading of the Road to Ein Harod by Amos Kenan, Gilui Daat, Vol. 2, July 2012 (pp. 33-56), p.40. טלי גולדשמיד, "הדיסטופיה של הציונות: קריאה בהדרך לעין חרוד לעמוס קינן", גילוי דעת, גיליון מספר 2, יולי 2012, (עמ' 33-56), עמ' 40.
  • 5. Rivka Nachmani Shusterman, "The Development of Water Towers in the Land of Israel," from: Water Towers in Israel 1891-1993. (Editor: Mordechai Omer) Tel Aviv University, the Genia Schreiber University Art Gallery, Tel Aviv, 1993(pp. 9-32), p. 9. רבקה נחמני שוסטרמן, "התפתחות מגדלי המים בארץ ישראל", מתוך: מגדלי מים בישראל 1891-1993. (עורך: מרדכי עומר), אוניברסיטת תל-אביב, הגלריה האוניברסיטאית לאמנות ע"ש גניה שרייבר, תל-אביב, 1993 (עמ' 9-32), עמ' 9.
  • 6. Ran Kasmi Ilan, Outlining the End of the World, from: Exhibition text, The Road to Ein Harod - The Coastal Spray Zone #2: Efrat Galnoor, Artist Residence Herzliya. May 2018.
  • 7. من مراسلات عبر الايميل مع إفرات غال-نور، آب 2019
  • 8. هناك.
  • 9. هناك.