لا هُنا ولا هناك: الصّوت النّسائيّ العربيّ الشّاب على خطّ التماس بين الهويّات الخطيرة

 تكشف إيريس حَسيد في كتبها "مكانٌ يخصّنا"، وهو مشروع تصوير جديد من إعدادها، عن الحياة والأسئلة والمطبّات الجديدة-القديمة ذات الصّلة بالهويّة العربيّة داخل إسرائيل، لكن هذه المرّة من وجهة نظر نسائيّة. توثّق حَسيد الحياة المشطورة إلى نصفَين، والتّوق إلى حيّز "ثالث" يصالحُ بين الهويّات.

Advertisement

يصعبُ تحديد الإجابة عن سؤال: ماذا يتناول مشروع التصوير الموسوم ب "مكان يخصّنا" للمصوّرة والفنانة إيريس حَسيد، والذي صدر مؤخّرًا بثلاث لغات؟

يوثق الكتاب مشروع تصوير كان قد بدأ قبل زهاء ثماني سنوات، عندما انتبهَت حَسيد إلى وجود طالبات عربيات شابات في منطقة رمات أفيف، وفي الشارع الذي تُقيمُ فيه. حضرت هؤلاء الفتيات للدراسة في جامعة تل أبيب، "كان بعضهن متدينات يرتدين الحجاب، والبعض الآخر علمانيات يمكن تحديد هويتهن بحكم كونهنّ يتحدثن العربية، وليس العبرية". تتعامل حَسيد في هذا المشروع، على غرار مشاريعها الأخرى، مع قضايا الهوية والثقافة والجندريّة، وتمثيل الشابات والفتيات القادمات من خلفيات مختلفة.

 

Cover-Iris Hassid book- A Place of Our Own.jpg

غلاف كتاب إيريس حسيد "مكانٌ يخصّنا"
غلاف كتاب إيريس حسيد "مكانٌ يخصّنا"

 

رافقَت حَسيد أربع شابات فلسطينيات خلال دراستهن الجامعيّة في جامعة تل أبيب، هنّ: سمر، آية، سجى ومجدولين. برفقتهنّ، طفت على السطح أسئلة حول الهوية المشطورة المتواجدة على خط التماس، والتي تثير تساؤلات حول معنى أن تكون الفتاة عربيّة أو فلسطينيّة أو إسرائيليّة أو مسلمة أو مسيحيّة، بالإضافة إلى أفكار حول الصور النمطية والصداقات والمواطنة والمجتمع الإسرائيلي، وحول المجتمع العربي العالق بين تقاليده والتطلع نحو التقدم والاندماج والقلق الدائم الناشئ عن الذاكرة النفسيّة والريفية والسياسية والاجتماعية لحَدث لنكبة. هذا المشروع يضعنا أمام العديد من الأسئلة والمشكلات والرؤى حول تعدد هويات المرأة العربية في المجتمع الإسرائيلي، وحول التساؤل: هل لا يزال ممكنًا طرح أسئلة حول التعايش؟ هل سينجح صوت الشابات العربيات في مواجهة تحديات الهوية المشطورة وكسر حدود التقاليد وقيودها، وإرث النكبة والصور النمطية للمجتمع الإسرائيليـ وتشييد مستقبل جديد ومستنير، تكون فيه هويتهن جزءًا من عملية تفتيت الخطاب السياسي المتآكل؟

بمناسبة صدور الكتاب، كانت لي محادثة مع إيريس حَسيد، وهيَ فنّانة ومصوّرة، حاصلة على اللقب الأوّل في مجال العلوم السياسية من جامعة تل أبيب، وعلى اللقب الثاني في الفنون(M.F.A) من جامعة حيفا. حسيد هي مؤسسة شريكة ومديرة شريكة لغاليري بنيامين، صالة عرض جماعيّة مخصّصة للفن المعاصر. ناقشنا القضايا التي طرحتها الفتيات، والأسئلة التي أثارتها الباحثة في الحقل النسويّ منال شلبي، والباحث جلعاد ميلتسر، في مقالتيهما المدرجتين في الكتاب.

 

סמר, סג'א, מג'דולין, סלאם וסומא, עיריית תל אביב, ככר רבין, תל אביב, 2019.jpg

سمر، سجى، مجدولين، سلام وسما، ساحة رابين، تل أبيب، 2019
سمر، سجى، مجدولين، سلام وسما، ساحة رابين، تل أبيب، 2019

סמר, בנות ובני דודים, נרגילה , מרפסת בית סבתא, נצרת, 2018.jpg

سمر رفقة أبناء وبنات العمومة، نرجيلة، شرفة بيت الجدة، الناصرة، 2018
سمر رفقة أبناء وبنات العمومة، نرجيلة، شرفة بيت الجدة، الناصرة، 2018

 

ريم غنايم: من أين جاءت فكرة التواصل وتصوير وإنشاء كتاب حول فتيات عربيّات يقمن في تل أبيب، وما الجديد الذي انضاف إلى بذرة هذه الفكرة أثناء العمل على المشروع؟

إيريس حَسيد: أقيمُ في حي رمات أفيف، حيث تقع جامعة تل أبيب، منذ أن كنت طفلة وبعد أن عشت مع عائلتي في أنحاء شتّى في العالم، الأمر الذي أبقاني مع الإحساس بالاختلاف والتّعقيد. قبل حوالي ثماني سنوات، بدأتُ ألاحظ وجود شابات عربيّات في الشارع وفي المنطقة، يأتين للدراسة في جامعة تل أبيب. كان بعضهن متدينات يرتدين الحجاب، والبعض الآخر علمانيات يمكن تحديد هويتهن بحكم كونهنّ يتحدثن العربية، وليس العبرية. كنت أراهنّ يمشين بمفردهنّ أو في مجموعات- وهي ظاهرة جديدة للاستقلالية - يسكنّ في مساكن الطلبة أو في شقق مستأجرة، ويحملن الحقائب في عطلات نهاية الأسبوع عندما يعدن إلى ديارهن. معظمهن قادمات من البلدات والقرى التي تتميز بكَونها مجتمعات عربية متجانسة.

الاستماع إلى العربيّة في شوارع الحيّ الذي أقطن فيه، مع جيل جديد من الفتيات الشابات اللاتي بدون واثقات النّفس ومغايرات عن الطريقة التي صوّرتهن بها وسائل الإعلام، كان أمرًا منعشًا وباعثًا على الاهتمام. لكن، التحدث باللغة العربية في الشارع، رغم كلّ شيء، يجذب الانتباه والنظرات. تساءلتُ لماذا يبدو سماع العربية في شوارع تل أبيب أمرًا أكثر غرابةً مما هو الحال في المدن المختلطة مثل القدس.

 

סמר, מג'דולין וסג'א, מגבות, דירה של מג'דולין וסג'א, רמת אביב' 2015.jpg

سمر، مجدولين وسجى، مناشف، مناشف، شقة مجدولين وسجى، رمات أفيف، 2015
سمر، مجدولين وسجى، مناشف، مناشف، شقة مجدولين وسجى، رمات أفيف، 2015

 

ما الداعي إلى تصنيف البشر وفق لغاتهم وأسمائهم ولهجاتهم ومظهرهم وجنسياتهم؟

حتى ما يقرب ثماني سنوات مضت، كانت أمام التلة المتواجدة أمام بيتي بقايا مبانٍ لقرية الشيخ مونّس الفلسطينية، والتي تم ترحيل سكانها، وغادر بعضهم عام 1948. بُني في المكان مساكن للطلبة ومركز تجاريّ. لم يتبق أي أثر للمباني، وصارت الشوارع الآن تحمل أسماء شخصيّات يهودية. تم بناء جزء من جامعة تل أبيب أيضًا على هذه المساحة، دون أي ذكر لقرية مُحيَت.

ر.غ: هكذا انضافت طبقة أخرى للبحث والدراسة.

إ.ح: تتناول مشاريعي قضايا الهوية والثقافة، مفهوم الأنوثة، ومجموعات النساء من مختلف الشرائح ومن مختلف الأعمار في إسرائيل. لذلك، كان أمرًا طبيعيًا أن أقترب من الشابات الفلسطينيات المقيمات في الحي وتقديمهنّ، فتيات في سن المراهقة أو أوائل العشرينات، يعشن بمفردهن، بعيدًا عن بيت العائلة. أردت أن أستكشف حيواتهن، وأطرح سؤالا عما يعنيه أن تكون الفتاة عربيّة تسكن بمفردها، وأبيّن ما رأيته أمام عينيّ: الصعوبات التي تخلقها الحياة هنا في تل أبيب، بعيدًا عن مجتمعهنّ الحمائيّ، مع كل التعقيدات متعددة الطبقات هذه الحقيقة.

ما فعلته هو التوجّه إلى شابات عربيات صادفتهن في الشارع بعرض للمشاركة في مشروع تصوير. لم يكن الأمر سهلاً، فقد رفض معظمهن الأمر، وبقيَ المشروع مكانه. في النهاية، وجّهتني إحداهنّ إلى سمر، وهي شابة من الناصرة تخرجت من جامعة تل أبيب في موضوع السينمائيّة. رتبنا للقاء، ولِحُسنِ حظّي، أنها حضرت مع ابنة عمتها واثنتين من صديقاتها، وهما طالبتان جامعيّتان تسكنان في المنطقة. أدركت أنني وجدت الشابات اللواتي أرغب في العمل معهن.

تدريجيًا، كوّنا علاقة تقوم على المعرفة الشخصيّة وعلى الحوار- وذلك أتاح لي الانكشاف على عالمهنّ ممّا أدّى إلى تطوّر الأمر إلى مشروع كنّ فيه شريكات بشكل تام. تقدم حكايتهنّ صورة متعددة الأوجه للواقع، على المستوى الإنسانيّ والحميميّ، وتحمل أعباء تاريخية واجتماعية وسياسية. تشكلت فكرة الكتاب بعد حوالي عامين من التواجد داخل المشروع. كتاب الصور، الأفرودة، هو وسيط أحب جدا. إنّه يسمح بالتأمّل الحميميّ للصور والمحتوى، ويُحفظ ويكون قابلا للفهم والاحتواء بشكل مختلف عن المعرض.

 

 

מג'דולין, חדר, על הרקמה העגולה רקום בערבית המילה -חירות-, רמת אביב, 2015.jpg

مجدولين، غرفة، على التطريز الدائري تظهر الكلمة "حرية"، رمات أفيف، 2015
مجدولين، غرفة، على التطريز الدائري تظهر الكلمة "حرية"، رمات أفيف، 2015

 

ر.غ: سمر، آية، سجى ومجدولين: أربع شابات يمثلن أربع رؤى للعالم تتقاطع وتتباعد في نفس الوقت. ثمة هوية جماعية، هوية شخصية، أسئلة عن الذات مقابل الآخر، الذات في المرآة نفسها. يحمل المجتمع العربي في داخله أعباء ثقافية وسياسية وتقليدية تختلف تمامًا عن تلك الموجودة في المجتمع اليهودي، ومع ذلك هناك رغبة لدى الفتيات في أن يكنّ جزءًا من المجتمع الإسرائيلي. كيف ترَينَ إلى صراعاتهنّ الداخلية اليوم وهل استطعنَ حل هذه النزاعات؟

إ.ح: على مدار المشروع، كان التعاون حاضرًا في كل تفاعل بيننا. كان هدفه تمثيل عالم الشابات الفلسطينيات العربيات في تل أبيب بطريقة لم يتمّ تقديمها من قبل. من خلال الصور ومن خلال نشر مقتطفات من المحادثات العفوية التي أجريتها معهنّ على مدار سنوات، كنت أرغب في خلخلة الصورة والصورة والقوالب النمطية للمرأة العربية، وأبرز مرآة عاكسة لافتراضات الإسرائيليين اليهود مقابل مرآة المجتمع الفلسطينيّ.

التوق إلى الشعور بالانتماء هو عنصر قوي جدا في حياتهن. الخوف من تردّي الوضع يتواجد في الخلفية مع المصادقة على قانون الجنسية الذي تم سنّه أثناء هذا المشروع، والذي أضر بالاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية في إسرائيل، وقوض ثقتهنّ وأملهنّ في المستقبل.

إضافة إلى ذلك، عوض كونهنّ جزءًا من مجتمع أو من كينونة تقليدية، تطمح الفتيات إلى الاستقلال. إنّهن يرغبنَ في أن ينتمين إلى المدينة الكبيرة، ذات الرموز الغربية، حيث توجد أكبر الفرص للاندماج على الصعيد المهنيّ، وحيث يحدث كل شيء: سواء كان ذلك في شركة معمارية كبيرة، الأمر الذي يسمح بالعمل في مشاريع كبيرة وعالمية في حالة مجدولين، أو فرص التمثيل في المسلسلات والأفلام، في حالة سمر.

بخلاف صراعات الشابات اليهوديات في تل أبيب، فإن الهوية المعقدة والمنقسمة حاضرة في كل حركة وعمل وشعور لدى الشابات الفلسطينيات. على سبيل المثال، في بداية الكتاب، في الصورة الأولى، شوهدت سمر وهي ترتدي وشاح كوفية حول رقبتها، وفي الصورة الأخيرة شوهدت في مظاهرة تطالب تدخلا حكوميًا لمنع العنف ضد المرأة في حديقة تشارلز كلور، بقناع على الوجه وشريط وردي ملفوف حول رقبتها. هذه هي هويات المشاركة الاجتماعية والجنسانية والسياسية، المتشابكة ببعضها البعض.

يحتوي الكتاب أيضًا على صورة لمجدولين في مراسم يوم النكبة في جامعة تل أبيب. ترتدي مجدولين قميصًا أبيض عليه ملصق يشير إلى يوم النكبة، والعام 1948. في نهاية الكتاب، هناك مقتطف من حديث معها تقول فيه إنها توقفت عن ارتياد المظاهرات وإنها تركز الآن على حياتها وأعمالها المعمارية ولوحاتها.

للأحداث السياسية والاجتماعية تأثير حاسم في تشكيل هوياتهنّ، كما هو حال حركة MeToo وقانون الجنسية والأحداث الأخرى التي تجري في العالم.

 

 

מג'דולין, טקס יום הנכבה, כניסה לאוניברסיטת תל אביב, כיכר אנטין, רמת אביב, 2017.jpg

مجدولين، مراسم يوم النكبة، مدخل جامعة تل أبيب، ساحة أنتين، رمات أفيف، 2017
مجدولين، مراسم يوم النكبة، مدخل جامعة تل أبيب، ساحة أنتين، رمات أفيف، 2017

ر.غ: الصوت الأنثوي حاضرٌ هنا بجرأة وعلى نحو متناقض: العيش في القرية بهوية، وفي المدينة بهوية أخرى، العيش على خط التماس بين هويتين مجبر باختيار إحداهما في نهاية المطاف. ما هي المخاوف التي راودتك أثناء حديثك ومرافقتك للفتيات على طول الطريق، وما هي تبصّراتك حول المجتمع الذي جئن منه؟

إ.ح: طوال فترة المشروع والعمل مع الشابات، كان واضحًا ومهمًا بالنسبة إلي موافقتهنّ على كلّ صورة وعلى المقتطفات من المحادثات معهنّ. المشروع بأكمله عبارة عن تعاون كامل وعملية بناء ثقة. كان ولا يزال يهمّني أن يشعرن أنّ الصّور تمثّلهنّ. كان من المهم أيضًا بالنسبة لي أن تكون أسرهم على دراية بالمشروع وأنهن محميات. هناك العديد من الصّور قررنا عدم دمجها في الكتاب، إلى جانب قصص كثيرة اخترت أن لا أدمجها في الكتاب حتى لا تضرّ بهنّ.

اللحظات التي تم تصويرها ليست لحظات "حقيقية" حدثت، ولكنها شيء جديد خلقناه معًا. في الواقع، هنّ "يجسّدن" أنفسهنّ. تعكس مقتطفات المحادثات أيضًا لحظة معينة وفكرًا في تلك اللحظة وليس النظرة الكاملة للعالم التي يمكن أن تتغير وتتحول بعد مضيّ يوم.

تعاني هؤلاء الفتيات من أزمات كبيرة ذات صلة بمكان الإقامة المستقبلي ومن خوف كبير من أن الإحساس بالغربة وعدم الانتماء لن يتغيرا. بعد التعرف إلى عائلات الشابات والتحدّث إليهم، حددت اتجاهًا للتغيير وقبولًا لرغبتهن في عيش حياة غربية أكثر والتوجّه إلى مهن يحلمن بها. هناك رغبة في مساعدتهن على إدراك ذلك، والمساعدة في تغيير المجتمع العربي على الرغم من إدراك وجود ثمن سيؤثر على الجميع.

ر.غ: ما هي التحديات التي تنتظر هؤلاء النساء في مستقبلهن؟ وما هي التحديات التي تنتظركِ أنت في حال استمرارية هذا المشروع؟

إ.ح: بالنسبة لفتيات المشروع، فإنهن يواجهن، تحديات مشابهة في تركيبها، للتركيبات اليهودية الحضرية والتل أبيبية. هذه المرحلة العمرية هي مرحلة الأحلام والخوف من عدم تحقيقها، والصراعات والصعوبات التي تصاحب هذه الفترة. ولكن على عكس الشابات الأخريات، أن تكوني عربية فلسطينية ومواطنة إسرائيلية فتلك مواجهة معقدة للغاية.

أعتقد أن التحدي الرئيسي هو تحديد مكان العيش في المستقبل وكيفية عدم التخلي عن أحلام العمل. هل سيستمرون في محاولة الاندماج في تل أبيب رغم شعورهم بالغربة وعدم الانتماء في المدينة؟ أم سينتقلون إلى مدينة مثل حيفا ، حيث تكون الحياة معًا ممكنة أكثر؟ أو ربما ينتقلون إلى قرية أو مدينة عربية بسبب الزواج المستقبلي ، ويعودون للعيش في مجتمع عربي متجانس؟

في النقاش الحائر حول ما إذا كان يجب الاستمرار في المشروع ومواكبة حياة الشابات، فإن التحدي الرئيسي هو تحدٍ فنيّ له علاقة بكيفيّة التجديد والمواصلة. هل يجب توسيع دائرة المصوَّرين وهل يجب التركيز على الشبان الفلسطينيين المقيمين في تل أبيب؟

 

סמר, שטח אדמה של המשפחה, כפר מחול, 2019.jpg

سمر، قطعة أرض تابعة للعائلة، قرية مخول، 2019
سمر، قطعة أرض تابعة للعائلة، قرية مخول، 2019

סמר, חדר, פוסטר פלסטין, תל אביב, 2017.jpg

سمر، غرفة، ملصق فلسطين، تل أبيب، 2017
سمر، غرفة، ملصق فلسطين، تل أبيب، 2017


ر.غ: ما الذي لم يُقال أيضًا في هذا المشروع عن المجتمع الإسرائيلي، التعايش، الأمل الضائع في العيش معًا وفي تسوية التناقضات؟ وعن تعدد الهويات التي نعيشها جميعًا؟

إ.ح: هناك معضلة كبيرة في رأيي تتمثّل في الشعور بالاختناق وغياب مناطق ومدن كافية لليهود والعرب. بالنسبة لأولئك الذين غادروا القرى والمدن العربية، وعاشوا في تل أبيب أو في أي مكان آخر، ومعنيون بالعيش في مكان جديد في حياة مشتركة- لا توجد حلول تقريبًا.

إن الرّغبة في مغادرة المجتمع العربيّ المتجانس من أجل بناء مستقبل مشترك في إسرائيل، تصادفه حواجز من الجانب الإسرائيلي اليهودي ومن قبل الآليات السياسية التي لا تسمح ولا تصمم مدنًا كبيرة مختلطة وبلدات مختلطة. إن إمكانية العيش معًا، جيرانًا، وليس بشكل منفصل، هي في رأيي مفتاح التغيير.

إضافة إلى ذلك، أعتقد أنّ الاعتراف بالرواية الفلسطينية وبالظلم الذي يشعر به المواطنون العرب في إسرائيل هو القاعدة التي يمكن أن تسمح بالإحساس بالانتماء. حتى وضع لافتة في مكان ما كان بلدة أو قرية فلسطينية يمكن أن يساعد في إحساس من يعيشون في المجتمع العربي بالانتماء.