م(ب)ر تزور #2: نوعا غينزبورغ مع هانا بروكمولر
بعد المشروع المشترك Cat Chat، الذي تناول مقابلة أجراها مرسيل بروترس مع قطة، بادرت ميخال ب. رون إلى زيارة افتراضية في استوديو نوعا غينزبورغ، ومعها هانا بروكمولر. وهما تتحدثان حول فكرة الـ "Radical Coziness"، حول البيتيّة، حول الأغراض خارج مرأى العين، وحول القفز في الأماكن العامة.
كان برنامج سكايب أشبه بستوديو حتى قبل أن تجعل جائحة الكورونا اللقاءات الافتراضية الدولية لبّ الموضوع. أنا في برلين، هانا بروكمولر في فيينا، ونوعا غينزبورغ في نيويورك – المكان الذي جمع بيننا. بعد فترة قصيرة على ذلك اللقاء، حين عدنا هانا وأنا إلى الطرف الآخر من المحيط الأطلسي بينما بقيت نوعا في العالم الجديد، أنتجنا مشروعنا التعاوني Cat Chat، بواسطة سكايب وجوجل دوكس، من خلال نقاش حول الحوار الذي أجراه مرسيل بروترس (نعم، هو ثانية) مع قطة أو مع قط سنة 1970. أصغينا هانا وأنا للفنان بطرق تاريخية ونصيّة، بينما نوعا، فنانة الإنشاء التي تعيش مع القطين أوغي وميس، كانت أكثر إصغاء لتعبير القط. أبدينا ملاحظات، توسعنا وفسرنا الحوار بين مرسيل والقط وأرسلنا التشات كصورة صفحة من التلمود إلى مجلة بروتوكولات (Protocols) ، للنسخة الخاصة التي تناولت اللغات (كانون الثاني 2020). كذلك، نسخنا جميع تبادل الأقوال الصوتي ما بين الشخص والقط إلى أحرف عبرية: نوعا وأنا نفهم فرنسية بروترس بنفس الشكل الذي ندرك فيه صوت مواء القط، وهانا تريد أن تتعلم أبجدية جديدة.
في ضوء تعاوننا الافتراضي، بدا منطقيا أكثر أن زيارة الاستوديو القادمة في إطار هذه الزاوية في ظروف الكورونا (Corona conditions - CC) أو خلال الجائحة، ستكون هي الأخرى افتراضية، بواسطة سكايب. والهدف سيكون فحص المنتج الفني لدى نوعا خلال الأزمة ( Crisis – Cأو بالعربية أ أزمة). هانا انضمت بالطبع إلى هذه الزيارة. حددنا موعدًا ليوم الاثنين صباحًا، ولكن نوعا في أية منطقة زمنية؟ خلال انشغالنا بالتخطيط، واصلت الأوذيسا واضطرت للسفر جوًا من نيويورك إلى تل ابيب. رزمت الاستوديو والدار في بروكلين داخل صناديق، أرسلتها للتخزين وأخذت القطين إلى العزل. هل سيجري لقاؤنا في الساعة 4:30 بعد الظهر وفقا لتوقيت نيويورك؟ تسأل. أجندتها اليومية مليئة بنشاطات افتراضية وتعكس حياة موازية مع روتين يشمل الفن والعمل. اليوميات تتخربط: 10:30 صباحًا في نيويورك تعادل 17:30 في تل ابيب، بينما نحن نلتقي بتوقيت برلين-فيينا الساعة 10:30 صباحًا، حين تكون الساعة في تل ابيب 11:30.
على شرف لقائنا الافتراضي نعتمر قبعاتنا الـ "Radical Coziness" (انا أحب الكلمة الالمانية dabei - أي قريب، حاضر). هذه قبعات طرزت عليها نوعا كلمتي "Radical Coziness" بنماذج ملوّنة تتطور وتنتشر إلى أشكال تجريدية مميزة لكل قبعة. مصطلح "Radical Coziness" جاء من عنوان النص الذي كتبه جيمس تشرزان (Chrzan)الذي رافق Full Moon Saloon، وهو مشروع تعاون ما بين نوعا وبين أمرا كوزفيتش(Causevic).1 وهو يصف "عالم قطط البيوت"، التي تعتاد النوم لساعات طويلة وترى في كل زاوية دافئة تقبع فيها أنها لها فقط: "طاولة المطبخ، لوحة مفاتيح الحاسوب...". في العمل الإنشائي التفاعلي التي دعت نوعا وأمرا الزوار إليه، طلبت منهم البحث عن "الطيف الدافئ" الذي يعيشه القط في البيئة المنزلية. في المرحلة الثانية جاءت قبعات "Radical Coziness"، بداية تلك التي حضّرتها نوعا لنفسها، بكلمتين فقط، وحين بدأ بعض الناس يطلبون قبعات لأنفسهم حضّرت نوعا المزيد من القبعات، وعندها ظهر ذلك التطريز المحسّن.
"أنت تعملين الان على قبعات "Radical Coziness"؟، سألتُ نوعا. فكرت أن هذا منطقي في فترات العزل حين لا يكون لديك استوديو. في لقاءاتنا عبر السكايب خلال الإغلاق، هانا وأنا رافقنا نوعا وهي تطرّز على أسطح نيويورك، بينما قطط الجيران تزورها على نحو متواصل. هذه اللقاءات، بالأحرى زيارة واحدة متواصلة لمدة 4 أشهر، و4 أو 5 دور من جهة نوعا، تحوّلت لبيتيّة أكثر فأكثر، على ذِكر المكتب البيتي والاعلان العائلي الحميم.2 وبالطبع -"Radical Coziness". مرة أخرى نبدي شكوكًا في إمكانية توفّر البيتيّة، وسط التنقل مع أو بدون كل أغراضنا، أو في البيتيّة المفرطة، حين نكون في وضع "staythefuckhome". البيتيّة وحتى إمكانية وظروف وجودها، يحدق بها الخطر من كل ما يتعلق بالانتقالات، رزم الصناديق، أن تكوني محاطة بـ"داخل" شخص آخر، أو بدون أغراضك الخاصة، "أشيائك"، أو - خلال الجائحة - معزولة في البيت. أفكر بباربرا كاسين (Cassin) وقراءتها الأوذيسا من خلال لغات. فهي تسأل: "متى نكون أصلاً في البيت؟"3 يؤدي staythefuckhome إلى نوع معين من البيتيّة المفرطة، التي تضع البيتية الراديكالية على الطريق السريع وتنتج تشويشا في الإنتاج. نحن معتادات على الكتابة، وفجأة نحن ننتج وسط الكلام: هانا تنسج صوفًا لتدفئة الذراعين، وأنا أخبز كعكة عسل رأس السنة لروضة الاطفال.
أذكر أنني أعجبت على نحو خاص بقبعات "Radical Coziness" بالأسود على أسود التي حضّرتها نوعا ورفعتها على فيسبوك في 27 أيار – بموازاة العاصفة القاتمة لـ"حياة السود مهمة"، بعد قتل جورج فلويد بأيدي الشرطة. هذه هي القبعة الوحيدة التي أنتجت منها أكثر من واحدة"، تقول لنا نوعا. بدأ هذا مع امراة شاهدت نوعا تعمل على قبعة في المترو وطلبت منها شيئا محددًا: أسود على أسود. ومع استمرار الجائحة، تشير نوعا، وصلت طلبات كثيرة لقبعات. يبدو أن "هذا ما يحتاج إليه الناس الآن. مثل القطط والأغراض – على نحو غريب - فإن وضع قبعة على الرأس يساعد على تعزيز الشعور بالأمان". حدثت هانا ونوعا كيف شعرت بالحاجة لوضع القبعة خلال تجوالي في المتنزه العام الذي كان ما زال مفتوحا خلال الإغلاق الأول في برلين. حاجة في إحضار فني، الفن الذي بحوزتي، المجموعة التي أكتنزها إلى الجمهور العام – كعارضة أدائية علنية. بالنسبة لهانا، في فيينا، مثلما وصفت نوعا الأمر، كانت هذه حماية من العداء العام والعزلة الجسدية التي جلبتها الجائحة معها.
"هل هذا هو وسمك التجاري؟" سئلت نوعا في إحدى المرات حين اعتمرت قبعة "Radical Coziness" في دكان أزياء مستقل. "رفضتُ أن يتحول إلى وسم تجاري. كل قبعة أنتجها مخصصة لشخص معين وليس لديّ مخزون آخر. أنا أبحث عن شيء أشعر بأنه ضروري (لي أو لآخرين) حين أكون قيد العمل على إنتاجه. بعد أن قُتل جورج فلويد، مثلا، اشتغلت على قبعة لصديقة رسامة. كان هذا مطلع حزيران، لقد غمرتني المشاعر من عنف الشرطة، وصُدمت من الرد الجماهيري، بدأ الطقس يصبح أكثر دفئًا وأصدقائي شاركوا في مسيرات احتجاجية في الخارج. لم يكن الانضمام إلى الاحتجاجات لي كمهاجرة آمنا. كان يجب على أن اجد مسارًا اخر للطاقة والإحباط".
تبرعت نوعا في نيويورك بـ50% من مدخول مبيعات القبعات المطرزة يدويًا لمنتجين وموزعين محليين لأدوات الحماية الشخصية، الذين دعموا عمال الإنتاج حين كان هناك نقص في هذه الأغراض. لاحقا تبرعت أيضًا لمنظمات المساعدة المتبادلة. "وفي إسرائيل؟"، أسألها. "في إسرائيل بدأت التطوع في إحدى منظمات المساعدة المتبادلة، "ثقافة تضامن"، وهي مبادرة مدنية مدهشة تدعم وتطعم وتهتم بالأشخاص الذين أهملتهم المؤسسات الرسمية. حاليا أعتقد أنني قادرة على المساعدة أكثر لو تواجدت في الميدان".
كيف نترجم "Coziness" للعبرية؟ تحاول هانا الترجمة للألمانية وهي تواجه مصاعب في اللغة: في القاموس الذي تستخدمه "Coziness" مترجمة لـ “Gemütlichkeit” أو “Behaglichkeit" وتضيف “Heimeligkeit” وتربطها بـ “Heim”، البيت، والبيتي لدى فرويد. تعرض نوعا اقتراحًا ما بين "دفء" و"لطف"، في الحيز ما بين الراحة والعزاء، كل ما لا يمكن أن يصمد في الطقس الاسرائيلي الساخن والواخز ولكن يمكنه ربما أن يحتضن، كما يفعل كريستو وجان كلود.4 هل الدفء مطلوب الآن، حين يعلق المجتمع الإسرائيلي بين القيود السياسية أو الصحية التي تجبر الناس على المكوث في البيت، وبين الحاجة في الخروج منه؟ يبدو أنه في ظروف سياسية معينة، تقضي القطط في إسرائيل وقتا أكثر في الخارج مما يقضيه أصحابها.
ولكن القبعة كانت قبل ذلك. قبل الجائحة (وأريد ان أسألك فورا، ميخال، بما أنك الخبيرة في الزمن: هل نعايش تغيرًا في الزمن؟ هل هذا عهد جديد؟ هل سنستخدم منذ الآن مصطلح ما قبل الجائحة وما بعدها؟ وهل سنصل في أية مرة إلى هناك)! في جميع الأحوال هذا كلام مخصص لنص آخر، ولكن من المهم الآن التأكيد على أن "Radical Coziness" قد سبقت الجائحة. ولكن لربما أذكّر هنا، عزيزتي ميخال، بنشاط القبعات الذي قمنا به في حديقة الشتاء (Jardin d’hiver) لمرسيل بروترس في أنتويرب؟
تسأل هانا وهي تغير النص5 وتواصل: هل القبعة هي بيت نحمله معنا؟
ومتى نكون في البيت أصلا، تسأل باربرا كاسين وتذكّرنا بحانا أرندت. فقد تعلمنا منها أن اللغة تبقى.6 نحن نعتمر قبعات مكتوبة عليها كلمات. هناك رسالة في هذه القبعات، رسالة ملونة: من هو مقدم الرسالة؟ نحن نخفي أعيننا تحت القبعة ونزين رؤوسنا بكلمتين: "Radical Coziness".
بين العام والخاص نحن في وضع وسطي، ضبابي، مخبِّئين ومختبئين، نرسل رسائل ونقوم بتفاهات. وبالفعل، عالمنا بات أكثر فوضى. أو لربما يصح القول: فارغا وتافها؟ "أنا أرى ما يمكن أن أراه، هذا بالضبط مثل أنا أكون ما أراه"، يشرح رجل القبعة المجنون في "أليس في بلاد العجائب"، على الرغم من أنه خبير في الزمن، لديه ساعة تدلّه ما هي السنة: أغراض تتكلم. كيف يؤدي اعتمار القبعة إلى تغييره هو نفسه؟
يقع في قلب عمل نوعا "تفعيل" عملها والدفع نحو تغيير في التفكير. إنها تنتج أغراضا يتوجب عليك الامساك بها بنفسك أو مع شخص آخر مثل الأغراض خارج مرأى العين (Extra Ocular Objects):
الأغراض خارج مرأى العين هي مجموعات، بنى مؤقتة تستخدم للنظر من خلالها ومعها، لإنتاج أنغام والنظر إلى أشخاص آخرين. هذه الأغراض مرقمة بشكل تسلسلي، وليست كلها ما زالت موجودة – بعضها تطور إلى أغراض أخرى أو إلى منحوتات وتماثيل. المجموعة رقم 5 مثلا هي أسمبلاج معلق مؤلف من أشرطة، حبال، نسيج مجمّد لخيوط، وأغراض من السيراميك التي دمجتها معها. حين يمسك، "المفعّلون" بهذه الأغراض ينقلون التمثال على طول عنقهم، جسدهم وأذرعهم ويتيحون لهذه الأغراض خارج مرأى العين أن تتحول إلى دمية تكلّم بطني، قناع أو مبنى متحرك. تتحول إلى مؤدية أو متعاونة مع من يتواجد معها في نفس الحيز. أطلقت عليها هذا الاسم انطلاقًا من التفكير بالعضلات خارج العينين التي تساعدنا على الرؤية: العضلات الست التي تضبط حركة العين والعضلة التي تسيطر على ارتفاع الجفن. فكرت بهذه الأشياء كما لو أنها توسيع لقدرتنا الحسية، مع إمكانية أن تتيح لنا تغيير الشكل الطبيعي الذي ننظر فيه، لأننا نضطر لاستخدام جسدنا وأيدينا ولربما أيضا مخلوقات حية أخرى. كم سيمر من الوقت حتى نتمكن من القيام بذلك مرة أخرى؟
ولكن، استنتاج نوعا لن يكون القول "أريد العودة إلى الخلف" بل "آمل ألا نعود إلى الخلف"، لأن علينا التفكير بعلاقاتنا المتبادلة، نحن نعيش مع صفر من المسؤولية"، تقول الفنانة. "يجب على الفنانين أن يعطوا نموذجا ولكن هذا لا يجب أن يكون بالضرورة بواسطة مضمون عملهم. يمكنهم أن يكونوا نشطاء، أن ينضموا إلى حركات احتجاج أو تنظيمات للمساعدة المتبادلة". بعد حالات قتل جورج فلويد وبريونا تيلور، تتساءل: "صوت من سيُسمع حين ستمر الجائحة؟ واجب علينا أن نضع في المركز الناس والمجتمعات الذين تم اقصاؤهم إلى الهامش".
حاليا يمكن للفنانة مواصلة العمل على سلسلة #Noajump التي تستخدم فيها هاشتاغ انستجرام كوسيلة أرشيفية. في هذه الصور تتجمد ما بين السماء والارض على نحو يجعلني أفكر في الحالة الإنسانية الراهنة – ليست بهذا الاتجاه ولا بذاك، وانما كعالقة في الوسط. لقد جاء الوقت لكي نكتب عن الزمن. وتضيف هانا: نوعا تقفز منذ سنوات.
ه.ب: نوعا، متى بدأت القفز؟ ما هو المقولة التي تطرحها #Noajump في الفضاء؟
تبدأ هانا بطرح أسئلة وتتحول الزيارة إلى مقابلة.
ن.ج: أعتقد أنني لم أدخل هذا فعلا إلى سياق حتى الآن، فيما عدا بعض محاضرات الفنان. هذه سلسلة موجودة في الانستجرام وبدأت كطريقة يتواجد فيها جسدي في الحيز العام. هذه السيرورة تحمل ما يشبه نظرة أدائية، إنها تتطلب إعدادًا، وغالبًا عددًا من التجارب التي يتم تعظيم فيها الأفعال وحتى الأنغام (كاميرا التلفون، قدمي اللتين تخبطان). وكمن تعودت على تصوير الآخرين كانت هذه سيرورة محررة بالنسبة لي، أن أكون أمام الكاميرا. كان هذا عام 2012، قبل أن تكون أدوات السيلفي متوفرة.7 كانت القفزات ذاكرة لأماكن وصيغ مختلفة عندي. أنا أعترف بأهمية التوثيق: كنت هنا. بدلا من إبقاء كتابة على جدار، كنت أقفز. قضيت زمنا طويلا مع فناني شارع في تل أبيب. وثقت أعمالهم في أرجاء المدينة وفي أماكن مهجورة وخفيّة تقريبا حين فهمت أنني لن أطوّر مهنتي في البحث الطبي العلمي. ذهبت بدلا من ذلك لتعلم الفن وفكرت برؤية، تبني وإعلان فضاءات لم تكن ظاهرة إلا إذا بحثنا عنها قصدًا. هذا جعلني واعية للخيارات التي تتم في الحيز العام ودفعني للتفكير بأساليب وطرق لجعلها غير معروفة. هذا مرتبط بالتقسيم وبالحيّز الآمن، أو الأكثر أمانًا على الأقل. نبعت أعمالي الإنشائية خلال تعليمي في اللقب الاول من هذه التجارب وأعتقد أيضا أن -#noajump قسم من ذلك. أنا سعيدة بأن هذا لا يزال معي.
ه.ب: أريد أن أتوقف قليلا عند السؤال حول الموقع كما كان لإنتاج شيء: ما الفرق بين القفز في الاستوديو وبين القفز في الحيز العام؟
ن.ج: أنا أقفز في الاستوديو في أحيان متباعدة، مثلا حين أدخل إلى استوديو جديد أو أغادره، حتى أشير إلى أهمية الأمر. لو قفزت في حيز داخلي فإن هذا ربما سيكون في متحف (كان لي الكثير الكثير من المواجهات مع حراس وحارسات متاحف خافوا من الضجة التي يثيرها القفز!)، أو في جاليري، في أعمال إنشاء، في موقع تاريخي أو في موقع مهجور. من ناحية تقنية هناك مسألة الضوء، التقاط الحركة دون استخدام اضاءة اصطناعية أو فلاش، بحيث أن القفز في الخارج ملائم أكثر خلال النهار. في الفجر أو في المساء التحدي أكبر. هذا مضحك، فكثيرًا ما يطلبون مني أن أوثق زيارة في استوديو أو في بيت بقفزة – ولكن أنا أرفض غالبا، يجب أن "يطلب الحيز" ذلك.
تفكر هانا بالبيتية القصوى في Radical Coziness وتقول: أنا أتابع الفنانة، قفزة بعد قفزة. نحن نفترض فقط أنه يوجد هنا تسلسل زمني. كان يمكنها ان تقفز قبل ذلك أو بعد ذلك. قفزاتها تتحول إلى أحداث فقط بعد أن تكون قد قفزت، مثلما كانت جوديت باتلر ستصوغ ذلك.8 نحن نرى المحيط وأحيانا يمكننا أن نتكهن أو نحلل أين كانت في لحظة معينة في الزمان والمكان. ولكن هل هي موجودة هناك فعلا؟ ما الذي يجعلنا نتواجد في مكان ما؟ هل هذا فعلا التّماس بين أقدامنا والأرض؟ "أين كنت؟" يسأل المفكر مثلما تذكر أفيطال رونئيل في سياق جاك دريدا.9 هذه جوزة قاسية يصعب كسرها، سؤال يصرّ على عدم تواجد جواب عليه. أين كنا؟ أعتقد أننا ضعنا. وحتى ذلك الحين يمكن أن نقفز. من قفزة إلى أخرى نحن نتتبع الفنانة ويبدو أن قفزاتها هي التي توقف زمننا للحظة في غير وقتها. هل هذا ضروري؟ أن نقفز؟
التعاون الثلاثي الأخير بيننا، الذي صدر في 2021، يعرض حلا أو انتقالا، بين العمل في الحيز وبين ثنائية البعد. استعراضنا لكتاب بول بريسيادو (Preciado) دار في اورانوس10 (An Apartment in Uranus) الذي نشر في العدد الرابع من Counter-Signals، ساهمت نوعا فيه بأعمال ثلاثية الأبعاد.11
إنها تتحوّل إلى أكثر تجريدًا حين ترافق النص: في البداية يمكن ملاحظة أحرف تنضم إلى كلمات داخل المناخ ثلاثي الأبعاد. وفي الأحجيات المتجانسة التالية يمكن ربما رؤية كلمات مصورة. في هذه الأخيرة تظهر تماثيل وأعمال إنشاء تم تسطيحها حتى باتت صورًا أو ترجمت مرة أخرى إلى ثلاثية أبعاد مضللة. القدرة على رؤية أو عدم رؤية الصور تتعلق بالعمر: هل كنا هناك حين كان الأعمال ثلاثية الأبعاد في الموضة؟ هل تدربنا على تقاطع العينين كي نرى الصورة المخبأة؟ نوعا تتذكر فعلا، وأنا أيضا، أننا ما زلنا نستخدم الحول كأداة للتأويل والتفسير خلال مشاهدة الفن المركب. هانا كما يبدو أكثر شبابا من أن تفهم ذلك. وأنتن؟ هل تلاحظن الوسائط؟
- 1. James Chrzan، “Radical Coziness: The Umwelt of House Cats and Perceptual Shifts in the Full Moon Saloon،” zine، on the occasion of Amra and Noa Love Cats: Full Moon Saloon، New York 2018
- 2. هانا بروكمولر وضعت المصطلح “‘like butter in a sandwich’ – Marcel Broodthaers، Maria Gilissen، and Domestic Publicity، في مقال للمؤتمر نُشر في-Untimely Media / Domestic Techniques. The 60s and 70s between New York and Vienna.” ندوة دولية عقدت في معهد تاريخ الفن في جامعة فيينا بتاريخ 23-25 أيار 2019.
- 3. Barbara Cassin، Nostalgia. When are we ever at home?، trans. Pascale-Anne Brault (Fordham University Press، 2016
- 4. يوئيل هوفمان، نبذة، 2007: لربما أن هذه الأمور مرتبطة بالخطيئة الأصلية. بعرق جبينك تأكل خبزك. وحين ترى عصفورًا تقول "عصفور". ترى شخصًا تقول "شخص". وهكذا، لشدة الفظاعة، عالم من الدلالات سيغطي الأشياء أشبه بتلك الأقمشة الكبيرة التي يغطي بها ذاك المجنون (ما اسمه. كريستو؟) ويلفّ بها كل شيء.
- 5. في معرض “Marcel Broodthaers - Soleil Politique”، M HKA أنتويرب، 4 تشرين الأول 2029 – 19 كانون الثاني 2020، القيّمة لوتا بكفا.
- 6. Barbara Cassin، Nostalgia. When are we ever at home?، trans. Pascale-Anne Brault (Fordham University Press، 2016)، p. 45
- 7. سيلاحظ القارئ دقيق الملاحظة اللحظة التي تتحول فيها الزيارة إلى- chat وأضيف: 3> 3> 3>
- 8. Judith Butler، “When Gesture Becomes Event”، in: Anna Street/Julien Alliot/Magnolia Pauker (eds.)، Inter Views in Performance Philosophy: Crossings and Conversations، (Springer 2017)، p. 171-181
- 9. Avital Ronell، Media Technology and Scholarship، European Graduate School Video Lectures (2010)، https://www.youtube.com/watch?v=VvV3n9-orLo&t=2323s
- 10. .Paul B. Preciado، An Apartment in Uranus. Chronicles of the Crossing، trans. Charlotte Mandell (Semiotext(e)، 2019
- 11. 11.هانا بروكمولر وميخال ب. رون مع مساهمة فنية لنوعا غينزبورغ،“From i-dentity to ur-dentity. An Odyssey to Uranus with Paul Beatriz Preciado،” Counter-Signals 4. Identity in Crisis (in preparation)