القدس الذهبية هي تمثيل كاذب، وهم زائف للوجود المتناغم في مدينة موحدة، بعيدة كل البعد عن الواقع السائد في المدينة. كما هو الحال في لوحة ديفيد ريف، خلف القدسيّة المذهّبة تختفي صورة مرآة معكوسة تفوح منها رائحة كريهة: من السّطر الخاطئ "ساحة المدينة فارغة" في أغنية من تأليف نعومي شيمر وحتى سياسة بلدية القدس طويلة الأمد التي صُمّمت لطرد سكّان المدينة الفلسطينيين منها.
تقع ثمانية أحياء فلسطينية في القدس خلف الجدار الفاصل. هي تابعة لمدينة القدس، لكنهم في الواقع معزولون عن البنية التحتية الحضرية والخدمات الأساسية. يعيش عشرات الآلاف من سكان القدس، المقيمين الدائمين في دولة إسرائيل، في دوامات من الفقر والإهمال، ولا يتلقون أبسط الخدمات التي تحقّ لكل مواطن الحصول عليها، ويطلب منهم عبور الحاجز في كل مرة يريدون فيها دخول مدينتهم. يدفع الناس ضرائب على الممتلكات للبلدية ويتلقون خراء. بالإضافة إلى ذلك، يعيش سكان هذه الأحياء في خوف دائم من قرار السلطات بعزل أحيائهم تمامًا عن المدينة وحتى تجريد سكانها من مكانتهم كمقيمين.
شهد هذا العام اطرادًا في عمليات هدم المنازل في القدس الشرقية التي بُنيت تحت عريشة "البناء غير القانوني". الحقيقة أنه يكاد يكون أمرًا مستحيلا على السكان الفلسطينيين الحصول على تصريح بناء قانوني في المدينة. البناء العام والتخطيط للفلسطينيين في المدينة لا يحدثان في أرض الواقع. عدد السكان آخذ في الازدياد، ويحتاج الناس إلى حلول سكنية، لكن السلطات ترفض باستمرار تحديد خارطة المخطط الهيكيليّ للأحياء الفلسطينية. وقد تمت مصادرة المناطق التي كان من الممكن أن تكون بمثابة إمكانية بناء لهؤلاء السكان لصالح الأحياء الإسرائيلية أو للبنية التحتية العامة، أو تم تحديدها على أنها مناطق ذات مناظر طبيعية مفتوحة أو حدائق ممنوعة من البناء. نتيجة لذلك، يضطر السكان الفلسطينيون إلى بناء منازل تعتبرها البلدية غير قانونية، ويعيش العديد منهم تحت تهديد دائم بفقدان منازلهم.
يتم قمع السكان الفلسطينيين في القدس من خلال تهويد الأحياء الفلسطينية عبر مستوطنات المنظمات اليمينية بدعم خفي أو علني من الحكومة الإسرائيلية. هذه سياسة مصادرة ذات دوافع سياسية مصممة لإنشاء أغلبية يهودية في أجزاء كبيرة من المدينة الشرقية قدر الإمكان. نائب رئيس بلدية القدس أرييه كينغ هو القوة المهيمنة وراء مستوطنة يهودية وعمليات السكان الفلسطينيين من منازلهم في أحياء مثل أم هارون وبيت حنينا وغيرها. عضو مجلس المدينة يوناتان يوسف هو أحد مدّعي ملكيّة المطالبين بإخلاء السكان من منازلهم في حي الشيخ جراح. يدور الحديث حول عائلات طُرِدَت من منازلها داخل حدود إسرائيل وقت النكبة، وتمّ إسكانهم في القدس الشرقيّة على يد السلطات الأردنية مقابل التنازل عن بطاقة اللجوء التي أعطيت لها من قبل الأمم المتحدة. لا يسمح القانون الإسرائيلي العنصري والمميِّز أن تطالب هذه العائلات بالمنازل التي فقدتها في يافا، تسريفين وأماكن أخرى في إسرائيل.
"خراء" هو الاسم الذي يطلق باللغة العربية على السائل النّتن "بوءَش" -لتفريق المظاهرات والذي طوّرته شرطة إسرائيل ، حيثُ يُرش من خزان على المتظاهرين ويسبب رائحة كريهة تلتصق بهم وبملابسهم. عندما يظهر سكان القدس الفلسطينيون والناشطون الذين يدعمونهم شجاعة للاحتجاج على السياسات العنصرية والتمييز وسياسة الاستلاب، يتم قمع احتجاجاتهم بالقوة والعنف، غالبًا بمساعد الشرطة. ورائحة نتانة الاحتلال وظلمه تخرج بعد أيام وأسابيع من الأرض والطرق والمنازل في الشوارع الصافية للقدس الذهبيّة