سالم أبو شقرة: البحث عن المخفي

بين الغموض والوضوح، والانسجام والتنافر، تقدّم عايدة نصر الله قراءة نقديّة تحليليّة للألوان والشخصيّات والخلفيّات في لوحات الفنان سالم أبو شقرة.

Advertisement

إن المشاهد للوحات الفنان سالم أبو شقرة يهيأ له أن جميع المسطحات اللونية وهي التي تشكّل خلفيات اللوحات متشابهة، ولكن ما يغير معنى اللوحة هو الموضوع الذي يسكنها. فأغلب الخلفيات ملونة بتقنية اللون الواحد أساسي ثم سكب عدة ألوان ومن ثم استعمال آلة المالج بطريقة معينة كي يظهر العمق بين اللون الأساسي واللون الخارجي.

كما أن الفنان يهتم بالترتيب المدروس والمحوسب للوحات، فنرى في جميع اللوحات تقسيما مدروسا; بعض اللوحات قسمت الى مقاطع طولية وبعضها أخذت اشتغلت الهندسة الدقيقة فيها، مثل الدائرة والمستطيل والمثلثات التي سنراها واضحة عند الشرح عنها لاحقا. كما أن معرفتي بالفنان من قبل ومتابعتي لرسوماته الأخرى كشفت لي أنه يميل إلى نوع من الغرائبية في تصوير شخصياته النحيفة والآخذة بالطول. وبالإمكان أن أدّعي أن ثقافة الفنان المتعددة واطلاعه على رسومات الكهوف الما قبل تاريخية قد وجدت أثرها في بعض رسوماته.

في لوحات (1-4) للوهلة الأولى لوحات تجريدية مقسمة لأربعة مقاطع طولية ويطغى عليها اللون الأصفر والأخضر الفاتح مع مسحات بيضاء. مثلا في لوحة رقم 1 قد يراها المشاهد لوحة تجريدية كأن تشير إلى مقاطع من الطبيعة، ولكن عند إمعان النظر في اللوحة سنرى وجه كبير لإنسان. إلا أن هناك مواضيع مستترة تحت او بين الألوان لا يراها المشاهد، إلا لو رافق الفنان بشرحه عنها، ولهذا سأدع هذه اللوحة لحرية كل مشاهد في التأويل.

 

اسم العمل موسيقى، أنا غيرت الاسم.jpg

 شظايا ذكريات، ألوان زيت على قماش، 100/120،  2023
شظايا ذكريات، ألوان زيت على قماش، 100/120، 2023

 

في لوحة بعنوان "الرائي" نجد الفنان قد استعمل الألوان الغامقة في الخلفية وربما الخطوط الطولية في الخلفية تتكون أثر جر المالج على اللون الأصلي ولكن في وسط اللوحة هناك شخصية مخفية الملامح عن طريق غطاء الرأس التي تذكرني برجال الصحاري الذين يلفون وجوههم ورؤوسهم حتى لا يظهر منهم اي شيء ونرى في وسط الوجه فتحة سوداء تحيل لمكان العينين دون رسم العينين. هذا الرجل "الرائي" هو الذي يَرى ولا يُرى، العنوان مأخوذ من الصوفية والفكر الفلسفي وكذلك من النبض الشعري. فقد وردت كلمة الرائي في العهد القديم كالتالي: (فأجاب صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَقَالَ: «أَنَا الرَّائِي. اِصْعَدَا أَمَامِي إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ فَتَأْكُلاَ مَعِيَ الْيَوْمَ، ثُمَّ أُطْلِقَكَ صَبَاحًا وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ." (1 صم 9: 19)

وكثيرا ما يستعمل الشعراء كلمة الرائي كونهم يستشعرون الأشياء قبل وقوعها فها هو نزار قباني يقول في قصيدته "تزوجتك أيتها الحرية":1

إني قديس الكلمات ..

وشيخ الطرق الصوفيه ..

وأنا أغسل بالموسيقى وجه المدن الحجريه

وأنا الرائي .. والمستكشف ..

والمسكون بنار الشعر الأبديه .

 

الرائي سالم.jpg

الرائي، ألوان زيت على قماش،100/120، 2018
الرائي، ألوان زيت على قماش،100/120، 2018

 

فنرى الفنان مسكونا ربما بفلسفات مستقاة من عدة شعوب ولكن يغلب على هذه اللوحة النبض الصوفي ولكي تبرز شخصية الرائي فقد لون الفنان الشخصية بالأخضر الممزوج مع الأبيض فقفزت الصورة من الخلفية الغامقة. وقد يكون الرائي هو الفنان نفسه، لأنه يرى في لوحاته ما لا يتمكن المشاهد العادي من رؤيتها كالوجوه الغائرة في الخلفيات التجريدية والتي تحتاج من المشاهد أن يتقدم من اللوحة تارة وأن يبتعد تارة أخرى حتى يتمكن من ملاحظة تلك الشخصيات المخفية.

في لوحة بعنوان "قف" نرى نفس الخلفية مكررة كما في اللوحات (من 1-4) إلا ان هناك شخصيتان هما أقرب ألي الصور الكرتونية أو شخصيات مستقاة من الرسومات التي وجدت في مغر طاسيلي في الجزائر وخاصة الرفيعة. الشخصيات مرسومة باللون الأبيض المائل الى الرمادي ولكنها شخصيات غير واقعية، مبتورة الأطراف، الشخصية إلى اليمين تحمل رأسا كبيرًا دون عنق. وتتدلى من الرأس ما يشبه يدان مع جسد نحيف لا يتلاءم ونسبة الرأس الضخم، ومن اليسار نرى شخصية طولية مع حركة يد إلى أعلى وهو يبدو سائرا باتجاه الشخصية ذات الرأس وأغلب الظن أن الأمر قف يأتي من الشخصية ذات الرأس الكبير، إذ أن الرأس يرمز لسلطة ما، ولهذا فهو من يأمر تلك الشخصية التي في طريقها إليه، كلتا الشخصيتين من ابتكار مخيلة الفنان، ولكنها مثيرة للانتباه بغرابتها.

 

العرس مع المقاييس.jpg

العرس، ألوان زيت على قماش، 100/90، 2021
العرس، ألوان زيت على قماش، 100/90، 2021

 

في لوحة "عرس" يشير العنوان بأن المقصود بالشخصيتين الملتصقتين بحيث تشكلا باندغام ثيابهما باتجاه الأسفل شخصية واحدة، لا نرى اية تفاصيل للشخصيات سواء في الوجه أو تفاصيل الجسد، ويمكن التخمين ان شخصية الرجل هو من يرفع رأسه إلى أعلى وشخصية العروس من يتموضع بشكل أقل طولا من العريس ويظهر رأسها وكأنه مع تسريحة شعر للوراء. لا توجد إشارة للمكان الذي يجمعهما، فالخلفية الملونة بمزيج من الأخضر وبعض الأبيض الذي يبدو كرشق ألوان رغم أننا نرى بعض العمق عن طريق تفاوت اللون الأسود الغائر في الداخل. لوحة رمزية وشخصيات طولية كما قلنا لها مرجعيات قديمة في تاريخ الفن كما من الممكن أن تذكرنا بأعمال جاكوميتي النحتية.

لقد اشرت بالمقدمة اهتمام الفنان بشتى العلوم ومنها الهندسة والشخصيات التاريخية القديمة وها تحن نرى في (لوحة رقم 8) خلفية من ثلاث مستطيلات طولية ملونة بمزيج من الأبيض والأورق والمستطيل الرابع على اليمين تركه الفنان دون اللعب به بنفس تقنيته المعروفة في الخلفيات كما رأينا في اللوحات السابقة، نرى شخصيتين نحيفتين. على اليمين تبدو شخصية كأنها تحتمي من المطر أما وجهة الشخصية الثانية فهي تتجه إلى الأمام باتجاه صاحب الشمسية. يحتل الغموض هذه اللوحة كما في لوحات أخرى.

في لوحة "الهجرة"  نرى شخصيات باللون البرتقالي على خلفية من لون البيج والأزرق، إحدى عشرة شخصية في طريقها للهجرة ومصطفة شخصية وراء الأخرى من نساء وأطفال ورجال، والرمز الوحيد الذي يربط هذه الشخصيات بالهجرة تلك البقج المحمولة على ظهر بعض الشخصيات، ونرى الشخصية الثالثة من اليسار منحنية من ثقل أحمالها، ويظهر وجه الشخصية المنحنية أقرب لوجه حيوان بشكله الذي يميل للمثلث مع العنق الطويل.

أما سبب رسم الشخصيات باللون البرتقالي فربما لإبراز الشخصيات وبروزها عن الخلفية، ويرجع اللون لاختيار الفنان.

 

4.jpg

هجرة، ألوان زيت على قماش، 100/130، 2019
هجرة، ألوان زيت على قماش، 100/130، 2019

 

في لوحة رقم 10، نرى خلفية مشابهة للوحة السابقة وشخصيتان تقفان بوسط اللوحة والشخصية على اليسار تشير بيدها نحو المجهول، قد تكون طريق، أو قد يشير إلى اللا مرئي، وهنا يكتمل معنى الرائي الذي يتمثل بالفنان وحده.

في اللوحة المعنونة "من هنا" وهي مقسمة لأربع مقاطع عرضية إذ نرى في مقدمة اللوحة مسحات فرشاة خفيفة من البرتقالي الممسوح على ألوان مختلطة تظهر من تحت المسحات البرتقالية، ثم يلي هذا المقطع شكل خطوط منحنية من الأزرق والأصفر والتي تبدو كأنها موج، أو جبل. والمقطع الثالث مكوّن من مسحات مختلفة وممزوجة من الأبيض والأزرق والرمادي وتتوسط المقطع بقعة صفراء، وأما المقطع الأخير ملون بالأزرق ومسحات بنية.

على المقطع الثالث ذو الخطوط المقوسة تقف شخصيتان برتقاليتان. الشخصية على اليمين تقف في هيئة المستمع للشخصية من الجانب الأيسر والذي يشير بيده إلى اعلى وكأنه يترجم بإشارته عنوان اللوحة "من هنا". وبما أن الإشارة متجهة إلى أعلى فربما يصعب على المشاهد فهم الاتجاه المشار اليه، إذ لا نرى طريق وإنما افق مغلق، ولو كانت اليد تشير نحو البقعة الصفراء لفهمنا انه يشير باتجاه الضوء.

في لوحة "بلا عنوان" تظهر شخصيات بيضاء نحيفة والتي تبدو قادمة من عالم آخر تكاد تختفي في الخلفية المغرقة بالألوان وهناك شخصيتان طويلتان بالأصفر لا تفاصيل لهن، كنت اود لو استغنى الفنان عن المسحات الصفراء التي اخفت بعض الشخصيات البيضاء، أما ما يجذب النظر هو الأرضية النقية من الأخضر وإلى اليمين هناك أشيه ببوابة او ستارة من اللون الأخضر الزيتي، ويبرع الفنان بتلك الشفافية التي تظهر في مثلث صغير في أسفل الصورة على اليمين. وأظن ان الفنان عليه ان يشتغل أكثر على الشفافية بالألوان لأنها تبرز الموضوع الذي يهدف لإبرازه. لكن هذه الشخصيات تبدو وكأنها كائنات فضائية تتجه نحو الأعلى الشخصيات الخفية?

 

5.jpg

الطريق الى السلام، ألوان زيت على قماش، 121/111، 2022
الطريق الى السلام، ألوان زيت على قماش، 121/111، 2022

 

في اللوحات (13- 15) يقوم الفنان بالاشتغال على الخلفيات بألوان غنية حتى وإن كانت لونين ولكن تبدو السماكة في اللون، ولهذا تبدو الشخصيات الطولية او الغريبة وكأنها حفريات غامضة الشكل داخل الخلفية فمثلا في لوحة معنونة بالجبال الثلجية (لوحة رقم 13) تبدو للمشاهد كغابة ثلجية يطغى عليها اللون الأبيض مع الأزرق وبعض الرمادي، لكن في داخل هذه الغابة هناك شخصية في مقدمة اللوحة الى اليسار، وشخصيتان طويلتان في وسط اللوحة، تظهر الشخصيات نفسها وكأنها مزروعة مثل الأشجار متجمدة، كأنها شكلت هي والمكان وحدة واحدة.

في صورة رقم 15 والتي آثرت أن أسميها "بلا عنوان"، تبدو كأنها تجريدية ملونة بمقاطع طولية من اللون الأزرق والأبيض والأخضر والبيج، إذ نرى الألوان متداخلة ببعضها البعض على شكل رشق، إلا ان المشاهد يستطيع تمييز شخصيات وكأنها مخروقة الأعين تماثل تلك الشخصيات او الهياكل المتحجرة منذ قرون، بعيدة عن كونها شخصيات واقعية وهنا ربما نعود إلى تأثير الصور على الكهوف القديمة والتي أثرت على الفنان بشكل ملموس

في لوحة رقم 16 "بلا عنوان" تبرز من داخل خلفية باللون الأحمر شخصيات يشوبها اللون الأبيض باتجاه الوجوه التي تبدو كأنها محفورة داحل اللون وعلى الجانب الأيسر هناك ملصق وعليه قائمة بمعاني كلمة "سلام" باللغة العربية والعبرية والانكليزية وربما باللغة الألمانية. لا يتضح إذا كان اللون الأبيض يوعدنا بالسلام من داخل الأحمر الذي هو رمز الدم وعكس اللون الأبيض، أم ان اللوحة تحمل محمولا ساخرًا كون الشخصيات وإن لوّنها الفنان بالأبيض ولكنها ما زالت مخضبة بالدماء، وربما يقصد الفنان التناقض بين الشعار الذي نسمعه من حين لآخر عن المطالبة بالسلام، وبين الواقع المر الذي نعيشه.

أما في لوحة عنونَها الفنان بعنوان "الجيل القادم" توقعت ان الجيل القادم سيتجه بوجهه إلى الأمام، ولكن في سياق الشخصيات المموهة الملامح لن نولي لاتجاه الرؤوس أهمية وما يميز هذه الشخصيات أنها تبدو أكثر عرضا من الشخصيات الرفيعة التي تميز الفنان برسمها، إذ ان هذه الشخصيات يطغى عليها التحجيم نسبة للتفاوت اللوني مع الخلفية الملونة والتي غلب عليها الأبيض الممزوج بعدة ألوان.

 

6.jpg

تحت المجهر، التقنية ألوان زيتية على قماش، 120/110، 2018
تحت المجهر، التقنية ألوان زيتية على قماش، 120/110، 2018

 

في لوحة المهاجر 2019 هناك أكثر من تقنية في نفس اللوحة، ففي العمق نرى التقنية المحوسبة لأربع مقاطع وهي بنفس اسلوب اللوحات التجريدية، على هذه الخلفية رسم الفنان بشكل مدروس أشجار كما يرسمها الأطفال أي كما استوعب الأطفال أشجار السرو، وهي أيضا اشتغلت فيها الهندسة فإن شجرة السرو تشبه تركيب مثلث فوق مثلث. في مقدمة الصورة لدينا مساحة بيضاء الى اليمين وتتخذ شكل المثلث الدي يحاذيه مستطيل بلون أبيض محدد بخط اسود للفصل بين الشكلين، ثم نرى قارب ورقي طفولي يجره شخصية تلس لباس مخروطي أبيض وتوجه ظهرها للمشاهد، ولكن مرة اخرى لا يظهر الوجه، وكأن هذه الشخصية او الشخص يأخذ آداه هجرته معه والتي تتمثّل بالسفينة الورقية التي يجرها خلفه. هذه اللوحة في تناقض الألوان الغير نقية مع الألوان النقية تشكل تناقضا مثيرًا. في هذه اللوحة نوع من السخرية مع كل التركيب الذي تحمله، إذ يأتي الفنان بسفينة ورقية كأداة للهجرة أو التهجير، وكأن التهجير في هذا الوقت أصبح لعبة العصر. ربما ما أراه في هذه اللوحة الطفولية يبدو مؤلما عندما يلجأ المهاجر المشرد أن يتكئ على سفينة ورق. سفن الورق نابعة من ذاكرة الفنان وكلنا لعبنا بسفن الوق وجررناها. وأما صورة رقم 19 فهي نابعة أيضا من ذاكرة الطفولة ومنعا لتكرارية سأتجاوزها.

الخزاقة أو قرص الرمي

في ثلاث لوحات من 20-22 احتلت فيهن الدائرة مركز اللوحات، وهي ترمز في هذه اللوحات لذلك القرص او ما يسمى لعبة الخِزَاقَة أو لعبة السهام، وهي في الواقع ليست لعبة فقط، إنما يستعمل هذا القرص من اجل التدريب بالتصويب سواء بالسهام او بالسلاح الناري.

نرى الفنان يحاول ان يعبر بين الأزمنة، إذ نرى جندي من زمن المغول (لوحة رقم 20) يتمركز على لوح تصويب دائري، وباقي اللوحة ملونة بالأبيض والأحمر والأزرق بشكل عبثي يناقض الهندسة المتقنة للدائرة. ولهذا تكثر في لوحاته مسألة التنافر بين الوان منسجمة والوان متنافرة. ربما هذه اللوحة هي بمثابة تساؤل عبثي: إذا كان السهم موجه نحو جندي من جنود المغول، وهو بمثابة العدو، تُرى هل انتهى عصر المغول؟ وتظهر قمة العبثية في الانتقال من تصويب السهم نحو جندي المغول إلى السفن الورقية الطفولية.

 

7.jpg

بدون عنوان، ألوان زيت على قماش، 100/120، 2022
بدون عنوان، ألوان زيت على قماش، 100/120، 2022

 

ففي لوحة "تحت المجهر" يؤكد الفنان الدائرة داخل مستطيل على خلفية بنفس اسلوب اللوحات التي تطرقت لها سابقا، وكأن المستطيل هو حافة كاميرا والدائرة هي عين الكاميرا التي تركز على سفينتين ورقيتين لونتا باللون الكحلي، وهذا نفس التناقض بين الواضح والغامض في رسوماته كذلك في اللوحة التالية المجهر يركز على سفينة ورقية زهرية موضوعة داخل الخزاقة (القرص) بحيث تكون هي المقصودة بالضرب بالسهام. فإذا كانت نفس الأسهم مصوبة نحو سفن مهاجرة (طفولية) فإذن نحن في حالة عبثية، وهو تلخيص لهذه اللوحات الثلاث.

أما في اللوحتين 25، 23، فأنا اراهن كلوحات تجريدية لكنهما مختلفتان عن اللوحات الأولى التي تطرقت لها بداية، نظرا لتمازج الألوان بشكل ينتج عنه شعور بعزف موسيقي وهذا محسوس أكثر في اللوحة الأخيرة التي عنونها الفنان بالمدينة الغارقة، ولكنها تمتلك من الشفافية وانسياب الألوان ما يجعل الناظر اليها من بعيد يرى بالأضواء البيضاء كأنها نوتات موسيقية، ألوان رغم تمازجها إلا أنها لا تطغى على بعضها ولا تؤثر على شفافيتها.

أخلص من خلال النظر الى لوحات الفنان سالم أبو شقرة، أنه على أعتاب كشف عالم خاص به، فالغموض الذي يكتنف لوحاته وخاصة تلك الشخصيات الحفرية – وأطلقُ عليها شخصيات حفرية لأنها تعود بي الى رسومات المغارات القديمة وإلى منحوتات غائرة في الزمن. هذا الغموض سيؤدي بالتأكيد إلى طريق ستتميز يوما ما بأسلوب الفنان والذي آمل بأن يستمر في مشواره الفني بنجاح.