رزان شامي، من مواليد العام 1995 من عكا. حصلت على اللقب الأوّل في دراسات الفن من كلية أورانيم عام 2021. مارست الفنّ في عدّة مسارات، وشاركت في عدّة معارض فنيّة فرديّة وأخرى جماعية (عربيّة وعربية –يهوديّة)، في البلاد.
ترى الفنانة الشابة إنّ دافع يداياتها كان يكمن في تساؤلاتها العديدة حول مكانتها ومكانة كل امرأة عربية في المجتمع، بعاداته وتقاليده وأعرافه. "بدأت أعدّ حوارات مع نساء من عالمي الخاص من منظور شخصيّ حول أهدافهن، احلامهن، طموحاتهن ومنظورهن لمعنى المرأة". كانت الردود قاسية على سمعي، اما لهنّ فكان الأمر سهلا ومفهومًا ضمنًا" تقول الفنانة. ومن هنا شرعت رزان في تصوير احداث حقيقة من داخل المنزل الذي يعتبر لهنّ قاعدة أمان ودفيئة بينما شكّل هذا المنزل للفنانة سجنًا. بعد فترة من التصوير، أصبح فعل التصوير أمرًا عاديًا ومألوفًا بالنسبة لهنّ، فأخذت رزان تصوّر لقطات فيديو وصورًا لأعمالها الخاصة. " كان الهدف ان أتلقّى إجابات، لكن التساؤلات تتزايد حول فهم نمط الحياة المرأة العربية التقليدي ومكانتها في البيت والمجتمع (الداخل والخارج). أعمالي تجسد تلك التساؤلات التي برزت على السّطح".
زياد حمّود: ثمّة تركيز واضح في أعمالك الفنية على شخصيتك. يتجلى ذلك في العديد من البورتريهات التي جسّدت هيئتك في قوالب متعددة. هذا التعدد لهيئة البورتريه- هل يأتي من علاقة مركّبة مع الذات داخلها وخارجها؟
رزان شامي: منذ صغري ساورتني شكوك حول هويتي وانتمائي لمجتمعي، وفيما اذا كنت سأصبحُ جزءًا من هذا الكلّ. ماذا انا بالضّبط؟ لذلك سوف ترى أنّ لدي العديد من الاعمال تجد فيها رزان بحالات مختلفة. وهنا أتكلم عن رزان التي ترعرعت في بيت عربي تقليدي ذي جذور فلسطينية الاصل. الشك حول أهمية العادات والتقاليد في مجتمعي حثّني إلى التحري أكثر حول كنه الخارج وما فيه، وهنا قررت أن أدرس الفنون في اللقب الأول. كنت أرسم كهواية، لكنّ دراسة الفنّ جعلتني على مستوى من النضج والتأقلم مع صراع لا نهاية له: صراع بين ذاتي وانتمائي لمجمعي، صراع بين الداخلي والخارجي والخارجي والداخلي. عندما كنت في الداخل اردت الخروج، وعندما خرجت اردت العودة إلى الداخل. دوامة لا نهاية لها.
ز.ح: كيف ترين إلى علاقتك مع المكان: الأرض، البيت، وغيرها من المفاهيم؟
ر.ش: كما ذكرت في البداية كنت احاول إدراكَ مكانة المرأة العربية، والمجتمع ككل، ومجتمعي. اليوم أملك تفكيرًا عميقًا حول العروبة والفلسطينية وجوهرها، ولديّ فضول كبير حول الشعوب العربيّة في أماكن جغرافية مختلفة وديانات عديدة، فضول حول الأرض، المكان والتاريخ. هنالك اعمال جديدة قيد التنفيذ حول موضوع الأرض والعروبة.
في نظري، يعكس البحر إحساسًا بالانتماء لبلدي، من جهة، أعشق ألوانه العديدة خاصة عندما امزج الألوان الزيتية، ومن جهة أخرى يعكس لي الحر خطورة التعمق فيه تماما كما لو كان انعكاسًا لمجتمعي. لذلك ترى في اعمالي ان رزان تقف عند ضفة البحر وليس في عمقه، وهذا نبع من شعوري بالانتماء والخطر في نفس الآن.
ز.ح: في العديد من لوحاتك نلاحظ فكرة اللاكتمال. تتركين مساحات غير مكتملة بألوان باهتة.
ر.ش: عدم اكتمال العمل ليس مخططًا له. فانا عندما أرسم أشعر باللوحة والحدث والشخصيات، وتكون هناك رغبة وشغف كبيران لكل احداث العمل. لحظة توقّفي عن الإحساس بها، أعزف عن الرسم. المشاهد يراها غير مكتملة، لكني أراها مكتملة بأحاسيسي وأفكاري وهذا يكشف المراحل تطور عملية النضج الفكري.
ز.ح: كفنانة، تشكّلين أقليّة داخل أقليّة، شابه تعيش لوحدها في بلدة يهوديّة. ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجهينها جراء هذه الأقلوية المزدوجة؟
ر.ش: أصبحت أرى أن العنصرية الموجّهة تجاه الهوية موجودة في كل مكان وزمان وليس فقط في عروبتي والدولة اليهودية. واجهت التفرقة في مجتمعي وشعبي كوني امرأة وفي عروبتي كوني مسلمة مقابل الديانات الأخرى. ونعم كوني عربية مسلمة ذات جذور فلسطينية ليس بالأمر السهل في هذه الدولة. دائما هناك علامة سؤال وتعجب وخط احمر على هويتي، وتتحدد معاملتي على أساس هويتي. الأمر مرهق في كل مرة أحاول ان أتكلم عن الانسان تكون الإجابة ذات صلة بِهُويّتي.
ز.ح: الإيروسية، الجنس، الحب، الرومانسية، لم ألمس شيئًا منها في لوحاتك. أهو عدم رغبة في التطرّق إلى هذه المواضيع، أم أن المسألة لها علاقة بحدود الجرأة؟
ر.ش: في الواقع هذا الموضوع لم يكن واردًا في ذهني. جسدتُ حرية المرأة برسمة لإمراه عارية، ولكني سرعان ما اكتفيت ولم ارسم غيرها. لو أردتُ التطرق إلى مواضيع رومانسية في أعمالي لن أتردد في فعل ذلك. لكني أعي صعوبة عدم تقبّل مجتمعي، المجتمع الذكوري الذي تحكمه أنماط تفكير معينة. من هنا، فأنا أيضًا على وعي تام بما سوف أواجهه في حال لو تطرقتُ في أعمالي إلى مواضيع ذات صلة بالأيروسية أو الجنس، أو لنقل تناول الجسد من منطلقات متحررة.
ز.ح: في نظري، ثمّة تأثير واضح للفنان كلود مونيه على لوحاتك، فما الذي يجذبك في عمله الفنيّ؟
ر.ش: أنا من عشاق كلود مونيه ولديه تأثير كبير على لغتي في الرسم. أنجذب للطريقة التنقيطية لأنها تساعدني على تمرير الإحساس. وأحبّ إشاعة بعض الضبابية التي تولد عندي الفضول.