سائحة في بيتك: حوار مع شاشا دوتان

كانت الفنانة شاشا دوتان مؤخرًا قيمة لمعرض افتراضي اشتمل على أعمال تتناول مشاعر الغربة لدى المهاجرين وهي نفسها منهم. حجاي أولريخ حاورها حول المعرض وحول أعمالها، وفيها تبحر في قارب "كانو" داخل الصالون، تدعو متعريًا إلى شقّة سكنيّة، وتقيم إنشاء في هيئة خيمة تستضيف فيه أعمالاً لنساء مهاجرات.

Advertisement

التقيت شاشا دوتان لمحادثة عبر تقنية الزوم إثر معرض فيديو بعنوان "A Tourist in Your Own Home"، والذي كانت الفنانة قيّمة له، وشاركت فيه أيضًا، وهو مُقام في جامعة مساتشوستس (MCLA) وفي غاليري MCLA Gallery 51 (من شباط حتى آب 2021).

حجاي أولريخ: تتناول الأعمال الخمسة المعروضة في المعرض الافتراضي الذي كنتِ قيّمة له، قضايا الهجرة والهوية. لكنني لاحظت أن لها قاسمًا مشتركًا آخر - الجسد في معظمها غير حاضر ماديًا بأكمله، بل هو مفكك أو سجين، وبعيد عن الأجساد الأخرى. في فيديو جيسو تشانغ (Chung)، على سبيل المثال، نرى قدمين تمشيان على أرض تُعرض عليها صورٌ مجردة، تبدو مثل أنسجة لجسد أو من عِلم رسم الخرائط. في لحظة أخرى نرى جذع الفنانة وهي ترسم عليه خريطة من خلال النظر في مرآة. في عمل شيرين بولورتشي (Bolourchi) وعلي أزهري (Azhari)، نرى مونتاج لأجزاء جسد مفككة ومناظر طبيعية وكلمات. ولدى مارتون روبنسون (Robinson)، هناك رجل يسير في غابة لكن وجهه مخفيّ، وفي فيديو تانيا زيدي (Zaidi) الجسد موجود لكن زاوية التصوير ووجهة نظرها بعيدتان، من أعلى فندق شاهق نزولاً إلى البركة. بالإضافة إلى ذلك، نرى أيضًا صندوقًا يبدو كأنه يتحرك من تلقاء نفسه، أو ربما بواسطة شبح.
 

جيسو تشانغ، 2020، Deliberate marking، oblivious to itself، but to sing، to sing very softly، فيديو، 6:31 د’

 

شاشا دوتان ، 14 يومًا، 2020، فيديو، 4:50 د’

 

شاشا دوتان: لقد دعيت للتدريس في كلية في ماساتشوستس والمكوث هناك، ولكن بسبب جائحة كورونا تغيرت الخطط وعُرض بدلاً من ذلك اقتراح بأن أكون قيّمة لمعرض افتراضي عبر الإنترنت. كان مهمًا بالنسبة لي أن تروي أصوات مختلفة مشاعر الغربة في الولايات المتحدة. عمل جيسو تشانغ يتناول محاولة الاندماج في المجتمع الذي تتواجدين فيه، وكذلك الرغبة في المقاومة وإحضار شيء منك يختلف عما هو جارٍ عادة. يتناول العمل أيضًا منزلها والمكان الذي هاجرت إليه، مدينة لوس أنجلوس - والتي ترسم خريطتها على جسدها. جيسو تتحدث عن الرغبة في التحوّل إلى مجرّد، وهي الموجودة أيضًا في عمل شيرين بولورتشي. وفي عمل ميرتون روبنسون، الذي يسير فيه في الغابة، صحيح أنه يستخدم جسده، ولكنه يغطي نفسه ببزّة عمل بيضاء مخفيًا وجهه. ولديه الكثير من الأعمال التي يدهن نفسه فيها باللون الأبيض أو يسكب الحليب على نفسه.

ح. أ: تقومين في عملك، 14 يومًا (2020)، بتوثيق لحظات من تجربة الحجر التي مررت بها في غرفة طفولتك داخل منزل والديك في تل أبيب، أثناء زيارة لك أنت وزوجتك، قادمتين من نيويورك. تتحدثين في الفيديو عن تجربة تقديم الزوجة الجديدة للعائلة في تل أبيب وتتساءلين (في الخلفية)، إلى جانب مختلف أنواع الأفكار الأخرى، عن احتمال أنّك عشتِ داخليًا رهاب المثلية. نشاهدكما وأنتما تمكثان في السرير وتحدقان في الهاتف المحمول، وتلعبان ألعاب الورق، وأنت ترسمين صورًا تشبه رسومات الأطفال وفيها شخصيات داخل فضاءات مغلقة، ربما في سجن.

كذلك، في أعمال الفيديو السابقة أيضًا، وثقتِ لحظات انتقاليّة للسفر من دولة إلى أخرى، والأفكار والمشاعر التي ترافقها، مثلما في The Wandering Israeli (2019)، الذي يوثق الانتقال بين إسرائيل وألمانيا ولوس أنجلوس. يبدو لي بنظرة أوسع على الأعمال الواحدة تلو الأخرى، أنه فيما عدا توثيق أحداث معقدة للغاية مرتبطة بالهجرة، فإنك تقومين أيضًا بتوثيق سيرورات التعرف على نفسك. وهو ما يتم دائمًا من خلال الحضور المادي للجسد. في العديد من أعمال الفيديو لديك، يقع الجسم في مركز اللقطة، حيث تموضعين نفسك في مواقف مختلفة قياسًا بالخلفية. على سبيل المثال، تجلسين بهدوء، في زاوية شارع، أو تقفين وتنظرين إلى الكاميرا، أو تقومين بإيماءة ما مع الجسد، مفصولة عن الخلفية والسياق. في The Wandering Israeli، تبحرين في لحظة ما في قارب "كانو" داخل شقة في لوس أنجلوس، بينما في لحظة أخرى تقدّمين رقصة على شارع في إسرائيل وأنت تتقدمين ببطء نحو الكاميرا ناظرةً إلى العدسة.

image7.png

شاشا دوتان ، صورة من The Wandering Israeli، 2019 بلطف الفنانة
شاشا دوتان ، صورة من The Wandering Israeli، 2019
بلطف الفنانة

 

ما أريد قوله إن هذا النوع من تعبيرات الجسد يبدو لي أشبه بتوقّف - سواء كانت نقطة توقف بصفتها انتقالا من لحظة إلى أخرى، أو ما إذا كانت توقفًا بفعل دراماتيكية كل ما يحدث حولها. إنه تركيز على نفسك، على عزلتها، وبالتالي فهو يتناقض دائمًا مع الخلفية من ورائك. هذه المسألة المتعلقة بجسد يتوقف، كما لو أنه جزء من أناقة ما، بالنسبة لي تبرز الخلفية. خلفية الأعمال هي، ماديًا، مكان معين، بهندسة معمارية معينة، ولكنها أيضًا سياق معين لكونك من فرنسا - السياق التاريخي، السياسي أو السيرة الذاتية. في Wandering Israeli، مثلا، يدمج الفيديو بين مقابلات مع أفراد الأسرة وخلفية سيرتك الذاتية، وبين قصة عامة حول الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. هناك مقاطع أرشيفية تذكر المشاهد مرة أخرى بالوضع - أين يتواجد حاليًا في حبكة الفيديو. إلى جانب ذلك، هناك الكثير من المشاعر. أنت تتمحورين في دمعة أمك وفي النهاية نرى والدك يبكي أيضًا. وفي غضون ذلك هناك نص صوتي فيه أقوال تشبه إلى حد ما قصيدة أو خطابًا في مراسم تذكارية.

لذا تبدو قصة الخلفية بالنسبة لي مثل إستديوم studium – مفهوم رولان بارت (Barthes) الذي يصف السياق - كل ما يمكن فهمه بواسطة العقل من خلال النظر إلى صورة. إنه سياق ليس ذاتيًا فقط،1 بل يبدو كأنه معياري. تؤكد تعابير الجسد، والتوقف، على الاستوديو، والخلفية، والبنية المعمارية التي تنظم الجسم المادي في الفضاء وتضعه في تدفق معين، أو سياق معين، مطبَّع - فهي تنتج القدرة على فهم تفصيل ذاتي معين داخل السياق الواسع الذي يبدو كأنه موضوعي.

ش.د: نعم، أعتقد أن هذا بمثابة احتواء للمكان بداخلي. كشخص وكجسد. أنا أعطي مساحة أيضًا للمشاهد أو لمن داخل الفيديو وخارجه كي يرى المكان الذي أتيت منه، أو القدرة على الغضب من المكان. القدرة على أن أكون مركبة حيال ذلك وفي مكان يسمح للآخرين بالقيام بذلك.

ح. أ: لكن توقف الحركة، الصورة، يبدو لي وكأنه يقف على النقيض من الدراما الموجودة من جهة الخارج، والخلفية. لربما هي اللامبالاة؟ أم الانقطاع؟ قد أقوم هنا بفعل إسقاط، لكن بالنسبة لي يبدو الأمر مثلما يحدث لشخص يمر بتجربة تنكيل. لنقل إن أول عمل رأيته لك كان حفلة توديع العزوبية (2012) وعُرض في غاليري غفيرول في تل أبيب. في هذا العمل دعوتِ متعرٍّ إلى شقة سكنية وقمت بتصويره. هناك أيضا كان نوع من تجميد جسدك، أو لامبالاة.

ش.د: أحيانًا ما أضع نفسي في عملي في أماكن لم أكن أرغب في أن أكون فيها ولا أعرف كيف سأتصرف فيها. عندما وصلت إلى لوس أنجلوس، أنجزت عملًا بعنوان I Never Felt So Apathetic (2016) وكان الأمر يتعلق بالطريقة التي انتقلت بها من إسرائيل، ومدى الكثافة التي اعترتها، وفجأة وصلت إلى هذا المكان المشمس في لوس أنجلوس لأقف في المواقع لا اعرف ما أقوله. في عمل آخر، يوم القدس (2015)، أقف في وسط موكب بينما يمر الناس حاملين الأعلام فوقي، وبدا لي هذا معارضة لشيء يحدث، حتى لو كنت أنا من بادر به. لذا، ففي عمل حفل توديع العزوبية أيضًا، الذي تم تقديمه في غاليري غفيرول، في معرض "زفاف" وكان قيّماه عومر غولدمان وتمار كاتس، كانت محاولة للخروج من ذاتي وإلقاء نظرة على شيء آخر وأن أكون هكذا، مُلقاة. كأن شخصًا آخر يتحكم بي ولكن في الواقع أنا من يتحكم في الموقف. في نهاية الأمر كل من كانوا حولي في الفيديو رجال. بالتالي ماذا يعني وأنتِ في هذه الحالة أن تجلبي نفسك كامرأة؟

 

شاشا دوتان، مقطع من عمل I Never Felt So Apathetic، 2016، فيديو، 4:00 د’

 

يرتبط حفل توديع العزوبية بعمل لاحق اسمه روبرت، أنجزته كجزء من مشروع التخرج في برنامج MFA في جامعة كاليفورنيا. ضمن المشروع، وضعت إعلانًا في الجريدة ودعوت الناس إلى تقديم المواعظ لي. روبرت كان أحدهم. طلب أن يتم تصويره عارياً ويقدم لي موعظة عن التعري. دار في رأسي تساؤل عما سيحدث وماذا سيفعل. قمت بإعداد كاميرا أخرى كي تظهرني أنا وهو. عندما بدأ الحديث أخذ يلامس نفسه والوعظ عن حركة MeToo، وحول المحافظة، وكيف يجب أن يتحدث الرجل إلى امرأة. كامرأة أقف هناك ولا أعرف حقًا ماذا أقول وأين أقحمتُ نفسي. إنها ليست مجرد مسألة بالشخص نفسه. هذا بالضبط هو المكان المثير للاهتمام في مواجهة الشخصي لديّ مع الواقع. لماذا أنا مسؤولة ولماذا لا.


מסיבת רווקות שאשא דותן.jpg

شاشا دوتان ، صورة من حفلة توديع العزوبية، 2012 بلطف الفنانة. تصوير: زيف بيركوفيتش
شاشا دوتان ، صورة من حفلة توديع العزوبية، 2012
بلطف الفنانة. تصوير: زيف بيركوفيتش

מסיבת רווקות שאשא דותן 3.jpg

شاشا دوتان ، صورة من حفلة توديع العزوبية، 2012 بلطف الفنانة. تصوير: زيف بيركوفيتش
شاشا دوتان ، صورة من حفلة توديع العزوبية، 2012
بلطف الفنانة. تصوير: زيف بيركوفيتش

image3.png

شاشا دوتان ، منظر إنشاء، I’d rather escape to American escapism، 2018، إنشاء، UCLA في الإنشاء: صورة من روبرت، 2018، فيديو، 12:58 د’ بلطف الفنانة
شاشا دوتان ، منظر إنشاء، I’d rather escape to American escapism، 2018، إنشاء، UCLA
في الإنشاء: صورة من روبرت، 2018، فيديو، 12:58 د’

بلطف الفنانة

 

ح. أ: أفكر في خلفية أعمال الفيديو لديك، أيضًا بالمفهوم الأولي للفضاء، مثل الهندسة المعمارية، كما ذكرت سابقًا - المكان الذي تتم دعوة المتعرّي إليه في هذه الحالة، ولكن أيضًا كمؤسسات مجتمع ودولة: مؤسسة العزوبية، أو مؤسسة الزواج، من جملة أمور أخرى. يمكن التفكير في العمارة على أنها مبان ومؤسسات يؤدي الدخول المادي فيها إلى ترسيخ أنماط معينة من السلوك والتفكير. بمعنى أن المكان ينتج فينا إخضاعًا. في يوم القدس نراك واقفة وسط موكب. هناك حشد من الناس والضوضاء. سيل من الناس يرفعون الأعلام الإسرائيلية وأنت تقفين ثابتة وتنظرين إلى العدسة. على نحو مماثل، في I Never Felt So Apathetic تقفين وتنظرين إلى المشاهدين والخلفية هي مركز تسوق كبير. في كلتا الحالتين، أشعر أن في الخلفية منظومات تفوق سيطرتك. توجّه وتسيّر. في إحداها قد تكون الدولة والاحتفالات الوطنية وفي الأخرى تبدو لي مثل سلطة الشركات والنزعة الاستهلاكية. يرسّخ الناس السلوكيات داخلهم، أو أنهم ربما يكونون ببساطة مشلولين. هذه ليست مبان يبنيها الناس لأنفسهم وفقًا لقياسهم فقط، أو أشياء يمارسها الناس شخصيًا مع بعضهم البعض.

كذلك في الفيديو Another Day: Camouflage Chaos (2017)، في بداية العمل، أنت بالفعل داخل فضاء منزلي، بمكياج من ألوان تمويه مثل جندي كوماندوز في الغابة، تنظرين إلى الكاميرا كما لو كنت تحت تنويم مغناطيسي وتقلبين صفحات كتاب دون النظر إليه، ولكن في نهاية الفيديو هناك صور تفجيرات، وهذا قد يشير مرة أخرى إلى هذه الخلفية: جيش، وسياسة، وهوية، ودول.

 

شاشا دوتان، مقطع من يوم القدس، 2015، فيديو، 0:48 د’

 

شاشا دوتان، مقطع من Another Day: Camouflage Chaos، 2017، فيديو، 10:45 د’

 

ش.د: كلما تقدمت في السن، أفكر في مباني السلطة التي لم أكن أعتقد عندما كنت صغيرة أنني جزء منها أو أنها تؤثر على حياتي كثيرًا وأدرك اليوم بشكل متزايد مدى سلطتها. في تصوري لنفسي وكيف من المفترض أن أتصرف وفيما يحدث من حولي. المسألة تبدأ باللغة التي أتحدثها، من كوني امرأة، ومن كونها أجنبية في أمريكا اليوم. وأنا في داخل لغة ما تطالبني في مستوى ما بأن أصبح جزءًا منها. وبصفتك امرأة، حتى لو كان هناك المزيد والمزيد من النساء في مناصب السلطة، فلا يزال مفهومك الوجودي يبنيه إلى حد كبير الرجال. إذن ما هو مكانك حين تدخلين عالمًا مبنيًا ويتم بناؤه بالفعل؟ أو، ما هو خيار رسم عالم مختلف إذا كان هناك عالمًا كهذا وكيف يمكن للمرء حقًا إنتاج العالم بطريقة مختلفة؟

ح. أ: ظهرت في عمل جيسو تشانغ كلمة "سكون" (stillness). بالنسبة للمفكر الروحي إيكهارت تولي (Tolle) "السكون" هو توقف للحركة وأيضًا أداة يمكن الوصول بواسطتها إلى جوهر أعمق للوعي والتعرف على الذات. الإدراك الذي يفتقر إلى السردية، وهي طريقة للتمحور فيما هو موجود الآن وهنا- الآن وهنا الذي كأنه مفصول عن الماضي والمستقبل وكل ما يحدث حولنا في الخارج .2 هذه أفكار تظهر بالطبع في فلسفات زن، واليوجا، وتمارين اليقظة، وما إلى ذلك.

ش.د: الآن بعد أن قلت تمارين يقظة، أفكر كم أنا شخص غير روحاني في هذا السياق. في I Never Felt So Apathetic، هذا أيضًا في سياق العثور على مكاني والمكان الذي يمكنني الوقوف فيه جسديًا ، وهل يلتفت إليّ الناس أصلاً. في كوستكو (مركز التسوق الكبير) لا أحد ينظر إلي. تبدو الخلفية مثل "شاشة خضراء". وفي يوم القدس أيضًا عندما يمشي الناس فوقي بالعلم - فما هو مكاني داخل الواقع الأمريكي أو الإسرائيلي؟

ح. أ: هذا هو الأمر بالضبط، لذا يتحدث إيكهارت تولي عن أنه لغاية الانفصال عن الماضي والمستقبل وممّن أنا ومما يحدث حولي، من أجل تحقيق السلام والسكون، يمكنك القيام بتمارين تدريبية، مثل محاولة عدم الإصغاء إلى الكلمات نفسها بل الانتباه إلى المسافات والوقفات بين نغمات الكلمات. كوسيلة للوصول إلى هناك. يبدو لي هذا شيئًا يحدث لديك، إذا نظرت بشكل واسع إلى عدد من أعمالك جنبًا إلى جنب، وأيضًا إلى الفيديو العينيّ بشكل منفصل. في كل من 14 يومًا و Wandering Israeli، ينصب التركيز على اللحظات الرمادية التي يصعب تعريفها، العادية والمملة (الجلوس على مقعد، والقيام برقصة غريبة على الكاميرا، والوقوف بلا حراك، والنظر إلى الهواء، وقراءة كتاب، النظر إلى الهاتف المحمول، ولعب الورق). ليست لحظات سرديات فكريّة، ووطنية تجبرنا على أن نكون في الهوية - بل إنها نوع من التوقف، السكون.

ش.د: أعتقد أن هذا تمامًا جزء من تفكيري. كتبت قبل بضع سنوات نصًا بعنوان "لا أعتذر باسم الفيديو آرت"، عن الفرق بين الفيديو والسينما. تم نشره في مجلة نشرتها ديكلا زاكس كجزء من مهرجان السينما للطلبة الجامعيين في السينماتيك عام 2016. أعتقد أن مزيّة الفيديو ليست جلب الأشخاص إلى مشاعر متطرفة كما هو الحال في الأفلام أو الشعور بالأشياء من خلال التلاعب. أعتقد أن اهتمامي ينصبّ على الأشياء اليومية وليس إنتاج هذا التلاعب، على الرغم من وجوده في بعض الأحيان، لكنه لا يقتصر علىفي إظهار دراما وذروات وكيف يؤثر هذا وما يعنيه. لكني أعتقد أنه يمكنك حقًا استيعاب الدراما دون رؤيتها. كما أنني أتواصل مع ما قلته سابقًا عن الشعر. أعمالي تأتي من الكتابة أو التفكير. أكتب أشياء تتراوح ما بين الشعر والنصوص الأكثر تعبيرا عن المشاعر المتوسطة. لذا، أعتقد أن هذا مرتبط أيضًا. الأمر مضحك لأنه من ناحية أخرى يعتقد الناس في كثير من الأحيان أن أعمالي مباشرة للغاية.

ح. أ: هناك اللحظات التي تنظرين فيها إلى الكاميرا مباشرة، إلى المشاهدين. سألت نفسي ما إذا كانت هذه نظرة على الحاضر، أو المستقبل، أو الماضي، أم أنها حقًا نظرة مباشرة. استمرارًا لذلك، هل تعتقدين أن أعمالك، يشمل تلك المتعلقة بالهجرة، مرتبطة بالنظرية الكويرية؟ هيذر لاف (Love) لديها كتاب صدر عام 2007 بعنوان Feeling Backward،3  حيث كتبت أن هناك شيئًا ما في الكويريّة والتمثيلات الثقافية والتاريخية للكويرية، وخصوصًا في الأدب، يتعلق بالمشاعر التي تسميها backward، وهي مشاعر كأنها ليست إيجابية ومتماهية مع الفقدان (loss) وعدم الانسجام. هذه التعبيرات، كما تصفها، متعلقة بتجنّب تجربة الانغماس في منظومة تقدّم أو صورة نجاح، قوامها تأسيس منزل وعائلة وأن يتقبلك المجتمع، من بين أشياء أخرى. إنها تعبيرات يُنظر إليها كـ"سلبية" في الغرب: ليست لائقة سياسيًا، ولا جذابة، تصف تناقضات وصراعات، وفي بعض الأحيان تنطوي على تجارب من رهاب داخلي للمثلية ، ورفض ما أنت عليه، ومتعلقة بالتقهقر إلى الوراء والتراجع الى الماضي. لكن هذه التعبيراتهامة بالنسبة لـ لاف، من أجل فهم معنى أن تكون كويريًا في الوقت الحاضر. في الـ هنا والآن.

ش.د: نعم هناك الكثير (في النظرية الكويرية). سارة شولمان (Schulman) تكتب عن هذه الرحلة حيث إذا كنت ترغبين في الزواج، فأنت جزء من المؤسسة. هذا يربطك بعائلتك، هكذا، لأنك عندها شخص معياري، على الرغم من أنك كويرية، لأنك ستتزوجين. نحن نرى كل هذا يحدث في الثقافة الإسرائيلية.

ح. أ: أحب لحظات التوقف في أعمالك، سواء كانت تأملًا أو جمودًا أو حالًا عالقًا. لأنه بمجرد إرجاء فكرة الكينونة في عالم من المادة والهوية ومن أنا وما أنا عليه، في المستقبل وفي الماضي، ماذا أفعل وأين يجب الذهاب وإلى أين أتقدم - حين أنفصل عن هذه الأماكن، أشعر بهدوء أكبر. هذا ليس بالضرورة بمفهوم اليقظة، وإنما بشكل عام – هذا يرتبط بموقع التنقل دون إدراك إلى أين. وكذلك، بدون الاهتمام إظهار الجانب الجميل فيك دائمًا، والناجح، افتراضًا، بل أن تكون أشبه بمكان الأطفال، أو في حالة من الفوضوية، ألا تكون جزءًا من أية مؤسسة، أو أن لا تكون دائمًا بالضرورة في حالة من التقدم، جزء من الماكينة، أو المورد الذي يجب أن يعرف شيئًا ما دائمًا.

ش.د: لكنني فعلاً شخص متضارب للغاية ومحبة للمناقشات وأعتقد أن في فني هذه هي الطريقة لإظهار الصراع وفتح باب النقاش المحادثة، التي كنت أودّ أن أجريها، ولكن بدون إثارة الأمور، بل إظهار مكان يمكن الحديث عنه. لذلك عندما أنظر إلى المشاهدين، فهذا يدعو لإجراء محادثة معي وفتحها أيضًا على أي موضوع أطرحه حتى لو كان أكثر ارتباطًا بإسرائيل والاحتلال أو كوني امرأة أو أجنبية. لهذا السبب اخترت أيضًا إقامة إنشاءات كي يتمكن الأشخاص من الجلوس والتساؤل فيها ويكونوا جزءًا من النقاش. لأن هذا شيء مهم بالنسبة لي. وأن أجعل من نفسي مكانًا يمكن للنساء التحدث فيه عما يزعجهن في أيّ شأن. وأعتقد أيضًا أن الانتقال إلى الولايات المتحدة أشعل هذا لأنه جعلني أسأل مع من أتحدث أو مع من أريد التحدث إليه.

ح. أ.: ليس أنك تعارضين الهوية؟

ش.د: هويتي؟

ح. أ: كل هوية. من الواضح أنك تدخلين سيرتك الذاتية وتردداتك العاطفية. ومن ناحية أخرى، هناك تركيز بالذات على التوقف. لهذا السبب ذكرت كلاً من إيكهارت تولي وهيذر لاف - على الرغم من أنهما تعبيران متناقضان- فهناك محاولة في كليهما للانفصال عن سردية تطور محدّدة للغاية، يتماشى الجميع معها. وفي أعمالك الأمر كذلك تمامًا: هناك تدفق لكل شيء حولك ودراما كبرى في الخلفية، ولكن هناك أيضًا نقطة توقف، بالمعنى الحرفي للكلمة.

ش.د: هذا مثير. هذا صحيح تماما. لأن النشأة في الإسرائيلية والغلاف الذي نأتي منه، كل الأشياء تُزرع فينا ونحن أطفال، ثم تأتي الرغبة في التحرر من هذه الأشياء، وماذا اليوم وماذا الآن؟ هناك محاولة لرفض الهوية في مكان ما. وأنا أوافق على أنه في أعمالي هناك دائمًا ذهاب وإياب وأيضًا في حياتي. إنه أمر مضحك، لقد تحدثت للتو مع صديقتي وسؤالنا هو من أنا؟ لذلك ربما يكون هذا حقًا شيئًا ما زال يرافقني في بحثي اللامتناهي. ولكن في الحقيقة لغرض تقليل مستوى التوقعات، ربما [من المفيد] قبول فكرة أنه بحث لا نهاي عن المكان وعمّن أنا. وربما هذا يعيد إلى ما قلته عن أن تكوني فتاة. لأنني أعتقد أن الكثير من عملي يتناول أيضًا الطفولة والفتوّة والعائلة والمنزل.

 

image5.png

شاشا دوتان، منظر إنشاء، جزء من Another Day: Camouflage Chaos، 2017 ، إنشاء: 7 أعمال فيديو، حجارة ملوّنة، تخطيطات، رسومات بلطف الفنانة
شاشا دوتان، منظر إنشاء، جزء من Another Day: Camouflage Chaos، 2017 ، إنشاء: 7 أعمال فيديو، حجارة ملوّنة، تخطيطات، رسومات
بلطف الفنانة

 

ح. أ: كان لديك أيضًا عمل إنشاء جديد في أيار 2021.

ش.د: نعم، كان هذا في إطار مهرجان نورمال: (NORMAL: Art in Odd Places) الذي كانت قيّمته بوروشو فون بوتكامر (von Puttkammer) في مانهاتن. قمت ببناء إنشاء فيديو على شكل خيمة استضافة، رسمت عليه مقاطع من عوالم الهجرة لديّ. عنوان العمل هو “Patterns of the Heart: Immigration and the Longing for a Home”. استضفت في عملي أعمالاً فنية لثلاث نساء مهاجرات إلى الولايات المتحدة. كل يوم عمل لفنانة مختلفة. كان هناك عملا الفيديو تم بثهما على عملي. أحدهما لسارة مالك (Malik) والآخر لأنجل زينوفييف (Zinovieff). العمل الثالث للفنانة جون ري (Rhie) بنيناه معًا في ذلك اليوم. إنشاء على الأرض مصنوع بالكامل من الأرز. الفكرة من وراء ذلك هي بناء حدود بمساعدة الأرز ومحوها من قبل المارة. لطالما أحببت التعاون الفني. بدأت في إسرائيل عندما أسست، مع زملائي وزميلاتي من اللقب الأول في شنكار، مجموعة مناهضة الممحاة. ويتواصل الآن في المعارض التي أتولى قوامتها وفي الحوارات مع رجال ونساء ضمن أعمالي. أحب إعطاء مساحة لأصوات مختلفة في أعمالي.

 


SD Art in Odd Places with video by Angel Zinovieff 02.jpg

שאשא דותן, Patterns of the Heart: Immigration and the Longing for a Home, מראה הצבה עם וידאו של אנג'ל זינוויף, Tenth Street 51, מנהטן מתוך NORMAL: AiOP, 2021, בין 14-16 במאי, 2021. אוצרת: פרושו פון פוטקאמר באדיבות האמנית

شاشا دوتان، Patterns of the Heart: Immigration and the Longing for a Home، منظر إنشاء مع فيديو لأنجل زينوفييف ، Tenth Street 51، מנהטן מתוך NORMAL: AiOP، 2021، من 14-16 أيار، 2021. قيّمة: بوروشو فون بوتكامر، بلطف الفنانة
شاشا دوتان، Patterns of the Heart: Immigration and the Longing for a Home، منظر إنشاء مع فيديو لأنجل زينوفييف، Tenth Street 51، منهاتن
من العمل NORMAL: AiOP، 2021، من 14-16 أيار، 2021. قيّمة: بوروشو فون بوتكامر
تصوير: باتريك ماكنف، بلطف الفنانة

  • 1. رولان بارت، أفكار حول التصوير (بالعبرية مترجم عن الفرنسية)
  • 2. .Eckhart Tolle، The Power of Now: A Guide to Spiritual Enlightenment. Vancouver & Novato: Namaste Publishing & New World Library، 2019
  • 3. Heather Love، Feeling Backward: Loss and the Politics of Queer History، Cambridge: Harvard University Press، 2007